زكية إبراهيم الحجي
التخطيط الإستراتيجي مدخل صحيح لتحقيق الأهداف طويلة الأجل في جميع الأنظمة ومن ضمنها بالطبع النظام التعليمي وكل ما يتعلق بالبحوث العلمية التي تشمل جميع التخصصات كونه يُعتبر أساساً منهجياً لمتابعة كيفية تنفيذ الأنشطة وتخصيص الموارد اللازمة لتنفيذها وبالتالي قياس مستوى الأداء والإنجاز فيه.. وبناءً على ذلك يمكن اعتبار التخطيط أهم ركيزة من ركائز بناء إستراتيجية مستقبلية تتصف بالتنوع في مكوناتها إضافة للانتشار الجغرافي في أماكن تحقيق الهدف المُخطط له للوصول في نهاية الأمر إلى تلبية احتياجات المجتمع وتحقيق طموحات الوطن المستقبلية.
مما سبق تتضح لنا أهمية التخطيط لأي مشروع أو نظام أو أي مؤسسة ومن بينها المؤسسة التعليمية باعتبار التعليم هو الأُسُّ الذي تُبنى عليه جميع المؤسسات والأنظمة من اقتصادية وسياسية واجتماعية وغيرها.. وهنا يُطرح سؤال كثيراً ما يتردد على ألسنة الجميع.. ما هو دور التنمية البشرية في التعليم وسوق العمل.. وكيف يمكن جسر الهوة القائمة بين التعليم وسوق العمل لبناء موائمة وانسجام تكاملي بين مخرجات التعليم ودورها في إعداد الكوادر البشرية بما يتناسب احتياجات سوق العمل وبالتالي الحد من ظاهرة البطالة
ولأن وطننا الغالي يشهد اليوم تطورات وتغيرات مستمرة ومتلاحقة تشمل جميع الميادين.. وحتى لا تصبح التنمية البشرية تمثل عبئاً ثقيلاً على كاهل المؤسسات التعليمية في ظل هذه التطورات التي يشهدها الوطن أصبح لزاماً على المؤسسات التعليمية أن تطور من أدائها وأن تستهدف تجديد نظام التعليم وإضفاء البعد العملي على المقررات الدراسية خاصة الأكاديمية في الجامعات كي تواكب الرؤى الإستراتيجية التي تتضمنها رؤية 2030 .. فأكثر المشكلات التي تعاني منها نظم التعليم في بعض دول العالم تتعلق بعدم القدرة على إعداد أفراد قادرين على مواجهة تحديات احتياجات سوق العمل ومسايرة التبديلات الدائمة في هذه الاحتياجات.
إن المجتمعات التي تواجه مشكلة البطالة بين المتعلمين تدرك مدى الخسارة الفادحة في عدم توفر قوى عاملة ومدربة على مهن تحتاجها أوطانهم أو إلى وجود فائض من المتعلمين المتخصصين في المجالات المختلفة وتفوق القدرة الاستيعابية لحاجة الوطن.. فمثلاً عندما يقوم شخص متخصص في الهندسة الكهربائية بعمل كتابي أو إداري فغالباً ما تكون النتيجة غير إيجابية وربما تتمثل في عدم الرضى والإحباط أو اللامبالاة والغياب المتكرر إلى غير ذلك من الأمور المترتبة على عدم إشغال الوظيفة بالشخص المناسب والمتمكن.
تغيرات متلاحقة وتطور سريع في وطن عظيم مما يفرض على التعليم أن يقوم بدور فعال في إعداد خريجين بكفاءات ومهارات وقدرات عالية كي توائم سوق العمل.. فسوق العمل يبحث عن القدرات المعرفية والمهارات المتمكنة ودرجة الإتقان والإنجاز وليس مجرد شهادة تخرج فربما تكون غير كافية للحصول على وظيفة أو تلبية احتياجات سوق العمل.