د. خيرية السقاف
تتطور نتائج الدراسات البحثية في مختلف العلوم، وغالباً ما يهتم الفرد بما فيها من نتائج تخص بشؤونه العامة وفرديته، حيث تتعلّق بصحته البدنية، والعقلية، والنفسية..
نضج وعي الإنسان، وأدرك أن منجزاته ذات حدَّين، فما يعطيه منها أحدهما، يسلبها الثاني منه..
ولعل ما يتوصل إليه البحث المستمر، بما يفاجئ البشرية كل فجر هو حصاد نتائجه غير المرضية للبشرية، وتحديداً في شأن الأجهزة الذكية، إذ في مثل هذه النتائج ما يوقف الناس عند سؤال عريض: «لماذا صنعتموها، ويسَّرتم انتشارها، حتى في أيدي الرُّضع الذين في مهدهم؟!..
أيمكن أن يكون الإنسان عدواً لنفسه على مثل هذا النحو؟..
أيمكن أن يكون تنافسه في الإنجاز، وتحديه الطموح سلاحه المضاد للشريته؟!..
ثم لماذا، وهو يصنعها لم يتجنب مخاطرها؟!..إن كان إنسانياً فيما يُنجز ويصنع؟!..
أم أن منفعته استهلاكاً للوقت، يصنع ثم يحصد، ثم يبحث ثم يكرر؟!..
أو أن رغبته في السرعة، والانتشار، والوصول، وبلوغ الغايات أكثر تفضيلاً، وأغلب تقديماً،
وأكثر شغفاً؟!..
الإنسان يشبه نفسه في كل الحالات القرائنية تماماً، فهو في هذه الحالة كأولئك المتسلقين بدرجات علمية وأهمة، أو بمناصب وظيفية غير مؤهلين لها، أو المحلقين لأعلى بأجنحة من ورق، حتى إذا ما بلغهم مما يصلون إليه أذاه كُشفت ضحالة المتسلّقين بزيفهم فتساقطوا، وطُمِست بروق المرتقين بفشلهم فتهاووا، ومُزّقت أجنحة المحلقين فتردُّوا..
وها هي نتائج البحوث في صناعة الأجهزة الحديثة بمكوناتها، ما يضر صحة الإنسان البدنية، والعقلية، والنفسية جزء في خصيصتها، وجزء فيما يأتي منها، وجزء فيما تحيط به الإنسان تفاعلاً بينها وبين فراغ المحيط الذي يجمعهما الأجهزة والإنسان المستخدم لها..
ويتمادى الناس في استخدامها غير عابئين بمخاطرها..
ولعل الأكثر أهمية في شأنها ما يتعلّق بالصغار من بني البشر، وقد قرأنا في ذلك كثيراً، وعرفنا أكثر، وأخيراً قرأت ما جاء عن الاستشاري في طب جراحة الأنف والأذن والحنجرة الدكتور «غسان العقبي» وهو يلمح إلى ما يدور في فلك الطب، بأن دراسة حديثة «تربط بين استخدام الأجهزة الذكية وضعف التركيز عند الأطفال»، وأشار إلى أن الدراسة قد « بيّنت أن اجتماع ثلاثة عوامل لدى الطفل مرتبطة بارتفاع نسبة «التركيز، وزيادة معدل الذكاء»، هي: الأول، عدم استخدام الأجهزة الذكية لأكثر من ساعتين في اليوم، والثاني، النوم من 9-11 ساعة يومياً، والثالث، ممارسة الرياضة ثلاث ساعات يومياً.
وجعل مصدره منصة «أطباء حول العالم»..
فما هو حال الصغار بين أبويهم زمناً يكونون فيه ضيوفاً في بيوتهم؟!..
ألا يفعلون شيئاً دون إضعاف بصرهم، والتأثير في أعصابهم، وتدمير خلاياهم التي جاءت عشرات البحوث تُحدث بها نتائج مقلقة بشأن الأجهزة الذكية ليس فقط في استخدامها من قبل الصغار الذين غدت رفيقاً ملازماً لهم، بل الإنسان ما اختلفت مراحل عمره؟!
حقيقة إن منجز الإنسان ليس للسعادة الدائمة، وإنما يأكلها منها شيئاً فشيئاً، بعد أن يبهجه كنسمة عابرة!!