مها محمد الشريف
لا يستطيع الإنسان أن يتخيّل بشاعة وفظاعة الظلال التي تعقب إشعال النار من أجل تدمير كيان ووجود الإنسان بصفته جزءاً من المجتمع، وما حدث من ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران التي قصفت يوم الجمعة الماضي، بثلاثة صواريخ كاتيوشا، مخيم بني جابر في مديرية الخوخة، الذي يشرف عليه «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية». سوى إدانة الأمم المتحدة والعالم بأسره.
النقطة المهمة التي تثير خوف ورعب السكان والنازحين هي الإبادة الجماعية، والتي تعد أحد أشكال النزاع أو الحرب العنيفة، وتهدف لتدمير المجموعات المدنية الاجتماعية، وإقدام الميليشيات الحوثية على قصف مخيم للنازحين في مدينة الخوخة التابعة لمحافظة الحديدة انتهاك لحقوق الإنسان وتجاوز للقوانين الشرعية، حيث قالت ليز غراندي منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن في بيان بثه موقع أخبار الأمم المتحدة: «ندين الهجوم بشكل لا لبس فيه، ونقدِّم تعازيَنا العميقة لأسر الضحايا»، مضيفة أن ما يحدث في اليمن «صادم ولا توجد طريقة أخرى لوصف ذلك».
لا شك أن هذه الجرائم تعد الأكثر دناءة لأنها نفذت بحق نازحين في مخيمات أرغمتهم مليشيات الحوثيين على ترك مساكنهم، فما يتم عرضه عبر وسائل الإعلام يبدو في ظاهر الأمر اختلافات مهمة بين مجموعات سياسية وعرقية ودينية، ولكنها في الحقيقة تعتبر ثلة مجرمة تتفرّع من مجموعات سياسية كالأحزاب المنظمة والمنتمية لقوة مكثفة تقوم بحشد الحركات القومية التي تتشارك أساليب الحياة وتعزّز الخيار العسكري كي تدخل في النزاع السياسي.
أول ما يستدعي الملاحظة أولئك اللاعبون والعملية في النزاع المدعوم من قوى خارجية، فأين يجد لها العقل البشري السليم تفسيراً، غير إبادة جماعية لأهل اليمن خططت لها إيران بأدوات حوثية، والحد من قدرتهم على التعايش مع الأزمة، ومقاومة الخطر وزعزعة معايير السلامة، وما يثير القلق هو العرف السياسي المعهود عن طريق بنائه من جديد تكتنفه الأخطاء والمشاكل، فأي عالم نعيشه إذا لم تعد المعطيات متوافقة مع الطبيعة السياسية المعتدلة، بل ما الذي يحدث لليمن من الانقلابيين على الشرعية والسكوت عنهم؟ وهجومهم على المتظاهرين السلميين وزجهم في سجون جماعية، وكأن العالم أمام هوة سحيقة تنذر بهلاكه فما اعتاد عليه العالم غير صالح لفهم ما يحدث حالياً.
لا نشاهد إلا تصنيفاً مسبقاً يستهدف الجيش اليمني والتحالف الذين يحاربون الانقلابيين، فكثير من التقارير أشارت إلى دعم طهران المتواصل لمليشيات الحوثيين وإطالة أمد الحرب في اليمن، وتكبيد التحالف مزيداً من الخسائر. لا شك أن هذه الأفعال ستكون مصدر تهديد وخطر تستدعي اليقظة لكل المؤشرات التي تثير الشكوك حولها. لذا على الإنسان أن يعي بأن الدول العظمى تحركها المصالح العمياء والصماء التي لا ترى أشلاء ودماء القتلى ولا تسمع صراخ الأمهات وبكاء الأطفال.