«الجزيرة» - نيويورك:
تواصل منظمة التعاون الإسلامي مهمتها الرائدة وثقلها المسؤول في صناعة القرار الكامن بالتعايش الحضاري والتنمية الإنسانية، ممثلة بسجلها الحافل بغيض من المبادرات الخلاقة والمواقف المشهودة والإشادات المعتبرة، مواصلة حراكها البناء في شتى المحافل الدولية متجسداً -مؤخراً- هذا النشاط الأممي الملحوظ في مشاركتها بالجمعية العامة الثالثة والسبعين للأمم المتحدة وما صاحبها من أنشطة، والتي قاربت زهاء الثمانين نشاطاً متنوعة بين لقاءات ثنائية ورئاسة لعدد من فرق الاتصال واجتماعات مع الوفود الرسمية، مواصلة المنظمة ممثلة بأمينها معالي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين نقل رسالتها الإنسانية وأداءً للمهمة المنوطة بها في الدفاع عن قضايا الأمة الإسلامية، إذ تربط المنظمة والأمم المتحدة شراكة استراتيجية وطيدة العلاقة قائمة على أواصر التعاون والتنسيق والتكامل في مختلف الأجهزة العاملة تسعى لخدمة السلم والأمن الدوليين، بما يحقق الرخاء والازدهار والتنمية لدى الدول الأعضاء.
وبدءًا من قضية الحدث على الساحة الدولية وهي الأزمة السورية والمستجدات في إدلب، حيث عقد الدكتور العثيمين لقاءً ثنائياً مع مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا ستافان دي ميستورا بحثاً فيه مستجدات الأوضاع في إدلب وسبل وضع آليات كفيلة بحماية المدنيين المقيمين بتلك المنطقة، مؤكداً الأمين العام للمنظمة ضرورة إنشاء منطقة آمنة خالية من المسلحين، مشيداً ميستورا بالموقف الإيجابي لمنظمة التعاون الإسلامي طوال سنوات الصراع في سوريا ومساهمتها الإيجابية لتخفيف آثار المأساة على الشعب السوري، وما تبعه ذلك من الحرص البالغ من المنظمة تجاه الأزمة السورية والذي ظهر جلياً في الاجتماع السنوي لوزراء خارجية الدول الأعضاء والذي انعقد بالأمم المتحدة في نيويورك وما ضمنه من ضرورة الوصول إلى حل سلمي ومعالجة الوضع الإنساني على الأرض، مجددة موقفها الصارم تجاه سوريا خلال الاجتماع رفيع المستوى المنعقد في الأمم المتحدة بشأن سوريا، والذي أكد موقف المنظمة به على معالجة الوضع المأساوي في إدلب، وسبل إنشاء منطقة آمنة علاوة على إيصال المساعدات الإنسانية للمناطق المنكوبة، مجدداً الدكتور العثيمين موقف المنظمة كذلك في لقاء آخر جمعه بوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف شدد فيه على ضرورة إنشاء منطقة آمنة للمدنيين في إدلب منزوعة السلاح، وتسهيل عمليات الإغاثة للمنكوبين.
كما لم تغِب القضية الفلسطينية عن اهتمام المنظمة والتي تعدها المنظمة قضيتها الأولى والمحورية مترجماً معالي الدكتور العثيمين هذا الاهتمام إلى واقع ملموس تشهد به مناشط المنظمة كافة وأمينها إذ عبر عن مواصلة العزم على حل القضية الفلسطينية في كلمته خلال الاجتماع السنوي لوزراء خارجية الدول الأعضاء، مشيراً في هذا الصدد إلى مرور الذكرى السنوية التاسعة والأربعين لحريق المسجد الأقصى المبارك، الذي لا يزال يتعرض والقدس الشريف لانتهاكات متواصلة ومحاولات للنيل من هويتها الإسلامية والعربية ومقدساتها الإسلامية والمسيحية.
وأكد أن حشد إرادة دولية جادة لتحريك عملية السلام، وإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية وفقاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومبادرة السلام العربية، ورؤية حل الدولتين، هو المخرج الفعلي الذي سيلبي طموحات الشعب الفلسطيني وحقهم في إقامة دولتهم المستقلة ذات السيادة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، كما أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عاهل المملكة العربية السعودية اسم قمة القدس على القمة العربية التي عقدت في مدينة الظهران السعودية، وذلك لتأكيد دعم هذه القضية العادلة.
كما دعم أوقاف القدس الشريف بمائة وخمسين مليون دولار، والأونروا بمبلغ خمسين مليون دولار.
وإكمالاً للدعم المستمر لقضايا دول أعضاء المنظمة جددت الأمانة العامة للمنظمة تأييدها لقضية جامو وكشمير ترأس معاليه اجتماع فريق الاتصال المعني بجامو وكشمير والذي بيّن فيه أن الشعب الكشميري يقود نضالاً مشروعاً تجاه حريته واستقراره.
وكذلك واصلت المنظمة جهودها الحثيثة بشأن مسلمي الروهينجا في ميانمار خلال اجتماع رفيع المستوى لهذا الصدد والذي عبر فيه العثيمين عن شكره للمملكة العربية السعودية وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على الدعم والمساعدات المتواصلة للروهينغيا.
وفي الجانب اليمني دان معالي العثيمين الانتهاكات المتكررة من قبل الميليشيات الحوثية على الأراضي السعودية وإشادته بالدعم الكبير الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للشأن اليمني، مشيراً مقدماً شكره للمملكة العربية السعودية (دولة المقر)على دعمها اللامحدود لأهداف المنظمة ممثلاً ذلك بجهود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، جاء ذلك خلال ترؤس الدكتور العثيمين فريق اتصال منظمة التعاون الإسلامي المعني باليمن وأكد الاجتماع أن ذلك عدوان سافر على الأراضي السعودية ومهدد للأمن والسلم والاستقرار الإقليمي الذي يعتبر جزءاً لا يتجزأ من الأمن الدولي، مرحباً بمبادرات المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والكويت والدول الأعضاء الأخرى لدعم العمل الإنساني وإعادة إعمار اليمن، مثمناً عالياً مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في إطلاق مبادرة إنشاء مركز موحد لتنسيق المساعدات الإنسانية، إضافة إلى مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، مشيداً أيضاً بمبادرة المملكة في دعم البنك المركزي اليمني بمبلغ مليار دولار تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.
واهتم معالي الأمين العام للمنظمة خلال اجتماعات الأمم المتحدة إلى المصالحة الأفغانية التي تمت -مؤخرًا- برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والدور الريادي للمملكة في إرساء السلام بقوله: شهدت المنظمة في الصيف الفائت، حدثًا بارزًا ومفصليًّا، حيث نجحت وبدعم كبير ومتواصل من قبل المملكة العربية السعودية دولة المقر، في عقد الاجتماع الدولي للعلماء حول الأمن والسلم في أفغانستان تمهيداً لمصالحة وطنية شاملة في البلاد.
وتعزيزاً لدورها الرائد في تعزيز السلم والاستقرار ومكافحة الإرهاب والتطرف وضعت الأمانة العامة للمنظمة برنامجاً تضمن خطط جديدة لتطوير التعاون مع الأطراف الدولية المعنية كافة بمكافحة ظاهرة الإرهاب والتطرف العنيف، والذي تجسد -مؤخراً- في توقيع مذكرة تفاهم مشتركة مع الأمم المتحدة من أجل مكافحة الإرهاب والتطرف التي سوف تؤطر لتعاون مستمر في هذا الملف المهم.