د.علي القرني
في تصريح مؤخر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ذكر أن الديموقراطيين يعدون خطراً على أمريكا، ونحن نقرأ ذلك في سياق حرب تصريحات بين الديموقراطيين والجمهوريين، كبداية ربما لحملات انتخابية مبكرة بين المرشحين السياسيين في الحزبين. ولكن السؤال المهم: أي الرؤساء الأمريكيين يعد الأكثر خطراً على الولايات المتحدة من معيار الدخول في حرب، خارجية على وجه التحديد؟
وتشير دراسات تاريخية عن هذه المسألة إلى أنه على مر التاريخ الأمريكي يوجد 14 رئيساً أمريكياً كان لهم دور كبير في حروب خاضتها الولايات المتحدة، وتدخل من بينها حروب الاستقلال الأمريكي. وهؤلاء هم الرؤساء الأربعة عشر الذين خاضوا حروباً باسم الولايات المتحدة: ماديسون، بوك، لينكولن، ماكينلي، ويسلون، فرانكلين روزفيلت، ترومان، ايزنهاور، لندون جونسون، نيكسون، جورج بوش الأب، جورج بوش الابن، أوباما، وترامب. ومن بين هؤلاء الأربعة عشر يوجد خمسة رؤساء ورثوا حروباً من رؤساء سابقين، وهم ترومان، ايزنهاور، نيكسون وأوباما، وترامب.
وإذا نظرنا إلى حزبية رؤساء الحرب الأمريكيين، فيمكن - مع استبعاد رؤساء كانوا يمثلون الحزبين الجمهوري والديموقراطي - فإن توزيعهم هو على النحو التالي:
1 - الرؤساء الجمهوريون: لينكولن، ماكينلي، ايزنهاور، نيكسون، جورج بوش الأب، جورج بوش الابن، ترامب.
2 - الرؤساء الديموقراطيون: جيمس بولك، ويلسون (الحرب العالمية الأولى)، فرانكلين روزفيلت (الحرب العالمية الثانية)، ترومان (الحرب الكورية)، جونسون (حرب فيتنام)، أوباما.
ومن هنا يتضح أن الحروب الكبرى والأكثر دموية التي خاضتها الولايات المتحدة هي حروب من رؤساء ديموقراطيين، مثل الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، والحرب الكورية، وحرب فيتنام. ويمكن كذلك إسقاط إبراهام لينكولن من قائمة الرؤساء الجمهوريين باعتبار الحروب التي كان يخوضها هي حروب استقلال، وهي حروب داخلية ضمن ما يمكن تسميته بحرب أهلية.
فهل هذا مؤشر إلى أن الحزب الديموقراطي هو الأكثر خطورة على الولايات المتحدة؟ وهل الرؤساء الديموقراطيون هم رؤساء حروب فعلاً؟ ولا أريد أن أخوض في إجابات لهذا السؤال لأن التاريخ يشير إلى ذلك، وإذا نظرنا إلى كل حرب، سنجد أن هناك مسببات للحرب بعضها يخص الولايات المتحدة ومصالحها الإستراتيجية، وبعض هذه الحروب دخلت فيها الولايات المتحدة جبراً لا اختياراً.
ومن ناحية أخرى، إذا نظرنا إلى أفضل الرؤساء الأمريكيين بحكم إنجازاتهم من خلال استطلاعات رأي لباحثين وعلماء سياسيين ومؤرخين من خلال عدة مصادر، سنجد أن الرئيس الأمريكي لينكولن (جمهوري) يتصدر هذه القائمة من 45 رئيسًا أمريكياً، يليه فرانكلين روزفيلت (ديموقراطي)، ثم جورج واشنطن (مستقل)، ثيودر روزفيلت (جمهوري)، جيفرسون (ديموقراطي/ جمهوري)، يليهم عدة رؤساء ديموقراطيين (ترومان، ويلسون، ايزنهاور، جاكسون، كينيدي). ويأتي أوباما (ديموقراطي) في الترتيب 11، وبيل كلنتون في الترتيب 18، ودونالد ترامب في الترتيب الأخير 45 . ما يعكس ان دونالد ترامب هو ربما أسوأ رئيس أمريكي.
ولدي قناعات بحكم التاريخ وبحكم المنطق أن الرئيس الأمريكي هو ابن المؤسسات الأمريكية (اقتصادية، عسكرية، سياسية)، ولا يستطيع أن يخرج منها إلا من خلال مناورات بسيطة يتحرك بها نحو بناء مجد شخصي له. بل ابتداء، هذه المؤسسات هي التي تفرز المرشحين لمنصب رئيس الولايات المتحدة، فإذا قرأنا آليات الانتخابات الرئاسية فهناك فرز لهذه الشخصيات في انتخابات مبكرة في بعض الولايات primary وهي التي تلقي الضوء على تلك الشخصيات وتعرف المؤسسات الأمريكية بها، وكذلك الرأي العام. ومع الوقت تصبح تلك الشخصيات رهينة حكم المؤسسات، شاءت أم أبت.