د. فوزية البكر
شعرت وأنا أقرأ مقابلة ولي العهد الأخيرة مع وكالة بلومبيرغ الإعلامية أنني كمواطنة سعودية فخورة جداً جداً بما يحققه هذا الشاب المقدام، وأذهلني أكثر الطريقة التي يتكلم بها إلى الإعلام. هذا الشاب لم يسافر ولم يدرس في الخارج كما أتيح لنا لسنوات والتي كنا بحاجة لها لنتقن اللغة والتخصص وفهم العقلية الثقافية للبلد المضيف. أميرنا الشاب لم يكن بحاجة إلى ذلك حتى يفهم العقلية الغربية وكيفية التعامل مع تعقيداتها الثقافية والإعلامية، لكنه مع ذلك يمتلك الذهنية الحاضرة والوثابة للتحدث بطلاقة منقطعة النظير وبشكل خفيف ولطيف وقوي وحاضر الذهن لأحد أهم الوسائل الإعلامية. التنقل الذكي والمليء بالمعلومات الدقيقة والحذرة في ذات الوقت تدفع برسائل لا نهاية لها لكل العالم، سواء تعلق الأمر بالاقتصاد أو بالسياسة أو بالنفط أو بأرامكو أو سابك أو القيمة المضافة أو أسعار الكهرباء والماء؟
ما هذه الموهبة المذهلة للتنقل الذكي بين أطياف أخطر المواضيع وأكثرها دقة وحساسية بشكل غير معتاد من جانب الدبلوماسية السعودية التي كانت تفضل الثقل على خفة الظل والنكتة والمهارة في إدارة الحوار؟ أي رجل أنت يا محمد بن سلمان؟
نشكرك لوجود النموذج فهكذا يخلق رجال الوطن ومثلك يوجد أكثر من 70 في المئة من أبناء الوطن الشباب ولديهم نموذجك المتفرد في طاقته الايجابية وحيويته ومعلوماته ودقته وحكمته في تناول أمور السياسة والاقتصاد والإعلام الخارجي وقضايا المرأة والاعتقالات ... إلخ من القضايا الحساسة التي ستستمر في إشغال الإعلام الخارجي وإشغال الوطن، وهو يعرف ذلك تماماً وها هو يضع أصبعه على مفاصل الأمور الحساسة، ويا للدهشة (دون حساسية)؟! وهو ما يدفعنا إلى السؤال عن خلق النموذج؟ كيف حدثت الصدفة التاريخية أن يأتي شاب مثل محمد بن سلمان ويصبح العصا السحرية للمملكة، ويصنع كل هذه المعجزات في وقت قياسي؟
يحق لمن هم خارج دائرتنا التساؤل لكن هل يحق لنا ذلك ونحن نعرف والده الذي أنجبه؟ من يعرف خادم الحرمين الشريفين ستكفيه الإجابة عمن أنجب هذا النابغة؟ إنه الملك سلمان الذي يمتلك أكبر مكتبة شخصية في الشرق الأوسط، ويمتلك ذاكرة خرافية تحدث عنها القاصي والداني، ويملك خزانة معلومات ودبلوماسية لا يشق لها عنان.
حديث أميرنا الشاب لوكالة بلومبيرغ لم يكن حديثاً للخارج فقط، كان حجماً هائلاً من المعلومات والتفسيرات التي كنا جميعاً بحاجة إليها في الداخل أيضاً، ولكن أيضاً بكم هائل من الثقة التي طرحها أميرنا الشاب في وطنه ومواطنيه تدفع أي مواطن أن يشكر الوالد النموذج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان الذي تمكن من خلق هذا النموذج المتفرد.
كم كان ابتهاجي وأنا أتنقل بين جنبات الحوار الطويل الذي استغرق أكثر من 80 دقيقة ملامساً الكثير من القضايا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بذات اللطف والحزم والأخذ والعطاء والتفسيرات، فقدَّم للعالم الخارجي وللداخل أجوبة كثيرة ظلت تتردد حول الكثير من القضايا الهامة جداً، كالاقتصاد وبيع حصة أرامكو والاقتصاد وعدم وضع أية ضرائب في الفترة المقبلة واعتقالات فندق الرتز واعتقالات النساء.
كل شيء تحدث عنه بمعرفة جيدة وحين لا يكون متأكداً لا يتردد في القول إنني لست متأكداً (وهو ما ليس من عادة القادة العرب أبداً)، كل ذلك تم بشفافية كبيرة تماهى فيها أميرنا الشاب ليس فقط مع العقلية الغربية، بل حتى مع عقلية الشباب والشابات السعوديات الذين يتطلعون جميعاً اليوم إليه كنموذج جاد ليس فقط للقيادة العامة بل على مستوى الحياة اليومية لشاب يعمل بشكل جاد ويعرف متى يستعين بالخبراء لإيجاد إجابات مقنعة وبأرقام تقنع المتخصصين والقراء بقدر ما يستطيع.
شكراً لوجودك اليوم في حياتنا أميرنا الشاب، وحفظك الله لنفسك ولوطنك وما أستطيع قوله هو: أن تعتني بنفسك وتحفظها حفظاً للوطن فأنت مستقبل هذه الأمة، وبأنفاسك وأقدامك نقتحم عوالم مجهولة، فأنت تنير وتبدد ظلمة النفق الذي كان قاتماً يوماً ما، وها هو ينبثق لخلق عوالم جديدة بوجودك وبمن معك من المخلصين والحالمين أمثالك من أبناء هذا الوطن.
حفظكم الله جميعاً وحفظ الله هذا الوطن آمناً مستقراً.