م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1- تأثير الاقتصاد على مختلف نظم الحياة الاجتماعية تأثير هائل.. ويرى علماء الاجتماع أن الدين والأخلاق والفن والأدب وكل ثقافات المجتمع غير المادية تعكس الوضع الاقتصادي لذلك المجتمع.. ويظهر ذلك جلياً في أن أهم النظريات الاجتماعية مثل: الشيوعية، والرأسمالية هي في أصلها نظريات اقتصادية بحتة.. من هنا يرون أن كل الفلسفات والأيديولوجيات نشأت بسبب عوامل اقتصادية في المقام الأول.. كما يرون أن النظم والإجراءات بما في ذلك دساتير الدول تصدر وفق منظور اقتصادي أولاً.
2- من دلائل قوة تأثير الاقتصاد على المجتمع أن عده كثير من العلماء أحد علوم المجتمع.. فكل الدراسات والتفسيرات الاقتصادية تقوم على وقائع مجتمعية.. كما أن تأثير الاقتصاد على المجتمع اليوم أكبر من تأثير المجتمع على الاقتصاد.. لذلك فالاقتصاد هو أهم محددات ومكونات النظم الاجتماعية.. ويضيف العلماء أن لفترات الكساد الاقتصادي مساوئ مجتمعية تفوق كثيراً مزايا فترات الرخاء الاقتصادي.
3- منذ نشأة الجماعات البدائية كانت النظم الاقتصادية وثيقة الصلة بالنظم الاجتماعية.. ففي مرحلة اقتصاد الصيد وجمع الثمار تم تقسيم العمل بين الذكور والإناث.. وكانت الأسرة هي الوحدة الاقتصادية في الإنتاج والاستهلاك.. وكان أفرادها يعتمدون في معاشِهم على نظام المقايضة وتبادل السلع.. ثم تطور الأمر بعد الارتقاء إلى مرحلة مجتمع الرعي واستئناس الحيوانات بدلاً من صيدها والزرع بدلاً من الالتقاط.. فتطورت الملكية الخاصة من أراضٍ ومحاصيل ومواشٍ.. واستمر الحال على ما هو عليه منذ العصر الحجري حتى القرن الثامن عشر.. حيث بزغ نجم الثورة الصناعية التي قلبت الحياة رأساً على عقب وهيمن الاقتصاد بشكل مطلق على المجتمع.
4- رَبْطُ المجتمع بالاقتصاد ورد ذكره في كل الكتب السماوية.. فقد جاء في التوراة: (ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان).. كما ورد في القرآن الكريم: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ}.. وهناك أيضاً أقوال شبيهة وردت في كتب ديانات ومعتقدات الهند والصين.
5- يرى بعض علماء الاجتماع أن الاقتصاد هو المركَّب التنظيمي الذي يرسم الطريق لقرارات وأفعال أفراد المجتمع.. وهم ينظمون أوقاتهم ونشاطاتهم وكيف يستخدمون مواردهم ويزيدون من إنتاجهم.. منطلقين من فرضية الإنسان يسعى بعقله وفطرته لمنفعته ولخير نفسه.. هذا إضافة إلى أن أبرز علماء الاجتماع كانوا في الأصل علماء اقتصاد.