د. محمد عبدالله الخازم
المعايير الدولية التي تصدرها المنظمات في مختلف المجالات تؤخذ كمؤشرات تفيدنا لمعرفة واقعنا مقارنة بالآخرين بشكل نسبي وتساعدنا في قياس تقدمنا من وقت لآخر. بعضها تعتمد على المعلومات المتوفرة سواء وفرناها عن طريق الجهات الرسمية أو عن طريق مؤسسات أهلية مختلفة، وبعضها تستند على انطباعات أو استبانات واستفتاءات يتفق ويختلف حول دقتها وحولها عدم تأثرها أو التأثير عليها..
أحد المؤشرات العالمية التي تحتفي الأوساط بصدورها، ولها قيمتها المهمة هي مؤشر التطور الاجتماعي - Social Progress Index - وهو مؤشر يصنف تقدم الدول في معايير عدة تصنف تحت ثلاثة عناوين رئيسة؛ مؤشرات الاحتياجات الأساسية ومؤشرات التقدم أو الحياة الجيدة ومؤشرات الفرص. هذا المؤشر يركز على معايير تضاف أو تكمل ما هو معتاد من مؤشرات اقتصادية بحتة، مثل مؤشر الدخل العام مثلاً. في العنوان الأول المتعلّق بالاحتياجات الأساسية تركز المؤشرات على معايير مثل توفر الغذاء والماء والصرف الصحي والمأوى والسلامة الفردية. بلا شك أن السعودية متقدِّمة في هذا الشأن مقارنة ببقية المعايير وخصوصاً أنها مؤشرات سهل تحقيقها بالوفرة المالية، ولكن يظل هناك نقص في بعضها مقارنة ببعض الدول وما زلنا نحتاج عمل أكبر لنكون في مصاف الدول المتقدِّمة. العنوان الثاني مؤشرات الجودة وتشمل توفر التعليم الأساسي، الوصول للخدمات الصحية واللياقية والترفيهية، وسلامة أو نقاء البيئة. النتائج هنا متفاوتة ورغم أنه يفترض أن تكون خدمات ميسور تأسيسها ورغم الجهود المبذولة في هذا الشأن فإننا لا نتقدم كثيراً مقارنة بدول عديدة. أحياناً الأمر يتعلّق بتوفر وتوزيع وجودة الخدمات وليس مجرد كميتها أو ما يصرف عليها. العنوان الثالث يتعلّق بالفرص المتاحة ومنها فرص التوظيف والمشاركة والتعبير وقبول الآخر وغيرها من معايير فكرية ذات حساسية اجتماعية وإدارية.
بعض المكونات يصعب التفصيل فيها أو حتى قياسها بدقة لأنها تتعلّق بخصوصيات اجتماعية وبأنظمة الدول المختلفة. نحن جزء من العالم وحتماً نحتاج بذل مزيد من الجهد في تلك الأمور وجميع الدول تجد أنها ليست في مستوى الكمال في جميع النقاط في هذا الشأن. المملكة تحتل المرتبة التاسعة في مستوى دخل الفرد على المستوى العالمي ولكنها في مؤشر التطور الاجتماعي تحتل المرتبة 85 من 146 دولة وتحديداً نحتل المرتبة 55 في مؤشرات المجموعة الأولى (أعلاه تصنيف المجموعات الثلاث) والمرتبة 62 في مؤشرات المجموعة الثانية و130 في مؤشرات المجموعة الثالثة. للأسف تراجعنا في مؤشر التطور الاجتماعي مقارنة بأعوام سابقة وهناك دول تتفوق علينا في بعض المعايير رغم محدودية إمكاناتها. المهم هنا هو حاجتنا للنظر لمثل هذه المؤشرات بجدية كونها تمنحنا رؤية حول واقعنا مقارنة بالآخرين، وتساعدنا في قياس التقدم في المعايير ذات العلاقة. التاريخ والخبرة العلمية والإدارية يصعب تجاوزها بسرعة بين الدول، وبالتالي أمر طبيعي تمايز الدول، لكن جهدنا يجب أن ينصب على فهم مبررات تراجعنا وما هو مقدار التقدم الذي يمكن أن نحرزه مستقبلاً في كل مؤشر.
للراغبين في مزيد من التفاصيل حول مؤشر التقدم أو التطور الاجتماعي يمكنهم زيارة: www.socialprogress.org.