عبدالوهاب الفايز
حديث الأمير محمد بن سلمان إلى (وكالة بلومبيرغ) كان متميزاً في المحتوى والصراحة، وأيضاً تميز بالقدرة على إتاحة الفرصة لطرح كل ما يتطلع إليه المحاور الصحفي، وكما تعودنا على الجديد المتميز في اللقاءات والحوارات مع الأمير محمد.. جاء هذا الحوار بما يعكس (تطور التجربة في الحكم)، والقدرة على التعلم، وعدم إنكار الأخطاء والمشاكل والعقبات، وهذا مؤشر يجعلنا نطمئن على مستقبل بلادنا، وأيضاً يجعلنا أكثر ثقة بقدرة الرجال المتميزين على أخذنا إلى المستقبل، والأمير محمد قال في أول لقاء صحفي معه.. لن أخاف وأنا مسنود بالمستودع الكبير من نخبة الرجال والنساء المتميزين في بلادنا، الذين هم ثمرة الوحدة والتنمية للإنسان في العقود الماضية.
هذا النضج في التجربة نجدها في إجابته عن سؤال حول تجربة السنوات الماضية، يقول: (أي حكومة أو شركة أو فريق سوف يكتسب المزيد من الخبرة مع مرور الوقت كأي عمل بشري، بطبيعة الحال سيكون هناك بعض الأخطاء والكثير من الإنجازات، إذا كان متجهاً نحو الطريق الصحيح. لذلك أعتقد أن السنوات الثلاث الأخيرة كانت جيدة، وليس بمقدورنا تقديم عمل أفضل مما قدمناه، تعلمنا الكثير من الأشياء -الفريق والمنظومة بأكملها- وسنواصل التقدم والتطور في هذا الجانب، ولكن ما يهم هو وجود الصورة الرئيسية والأهداف الرئيسية والخطة، ونحن مستمرون في تطويرها ومواصلة العمل في نفس الاتجاه، لذلك لا يوجد أي تغيير في ذلك).
هذه الروية العميقة لطبيعة الأشياء والتي تعكس تطور التجربة السياسية نجدها أيضاً في إجابة سموه المطولة حول الحلول المطروحة لمعالجة البطالة، وهنا الأمير محمد حدد معالم الطريق الضرورية لمعالجه هذا الملف المهم، وقدم خارطة طريق للحكومة سوف تعمل عليها كمنظومة لإبقاء البطالة في السنوات القادمة بحدود 6-7، أي قريباً من المعدلات المقبولة، وهنا نرى النظرة الواقعية لهذه القضية السيادية.
البطالة كما شرح سموه سوف يستوعبها النقلة في مشاريع التخصيص القادمة لعدد من القطاعات، ويستوعبها الاستمرار في مشاريع التوطين، وأيضاً يعالجها التوسع بالبرامج التأهيلية الموجهة لإعادة تأهيل المرأة لاستيعاب نسبة البطالة الأساسية لدى النساء التي تشكل 20 % (البطالة بين الرجال 6).
سمو الأمير محمد يرى أن القطاعات المطروحة للتخصيص يمكنها استيعاب العرض في سوق العمل، وهذا متوقع وممكن لأن هذه القطاعات تحت سيطرة الحكومة الآن، وبإمكانها وضع التوطين وإيجاد فرص العمل في أولويات مشاريع هذه القطاعات. كذلك يرى أن القطاع الخاص لديه القدرة على توليد الوظائف، وهذا القطاع سوف يستفيد من برامج الإنفاق الحكومية المستمرة لتعزيز البنية الأساسية. وسموه قدم رسالة تطمين يقول: (أرى أن معدل البطالة سيبدأ في الانخفاض بدءًا من عام 2019 حتى يصل إلى 7 % في عام 2030 على النحو المستهدف في الرؤية)، والمهم في الأمر أيضاً الواقعية في معالجة الأمور الأساسية التي لا تتضح نتائجها سريعاً. يقول سموه في إحدى الإجابات: (سترى أننا نسير في الاتجاه الصحيح، لكن لن يتم تحقيق كل شيء اليوم).
ثمة أمور عديدة تطرق إليها الأمير محمد في الشأنين الداخلي والخارجي في الحوار الطويل، وما يهمنا هو حرصه على بث (روح التفاؤل والثقة بالنفس) في ثنايا الحديث، وهذه من خصائص القادة الأساسية بالذات في ظروف التحولات الأساسية، وأيضاً الأدب الجم والحكمة حين الحديث في الأمور الحساسة للدولة، بالذات في الشأن الخارجي مع الدول الكبرى والدول الشقيقة والصديقة.