أمل بنت فهد
لا شك أن التعامل الطيب، والرقي، والهدوء، أمور رائعة، وتحتاج كثيراً أن تتعامل بها مع الأغلبية، ولكن حين تكون بصدد التعامل مع خصم غير شريف، أو مع شخصية دنيئة، أو تكون في مرمى الهدف لمؤامرة واضحة، لا يمكنك أن تجلس ملاكاً على مائدة الشياطين، وتتعامل معهم بذات المبادئ التي تنهجها مع أحداث عادية، لا يمكنك البتة، وإلا كنت في موقف الضعف، وهذا ليس نبلاً، لأنك في طريقك لتكون شريكاً في الظلم، والاستبداد، والتدليس والكذب.
لذا أنت بحاجة في مثل تلك المناورات، أن تكون ذكياً وصبوراً، وليس شيطاناً، والذكاء أن تعرف ماذا يريد منك الخصم، ولن يخرج مخططه عن بعض الأهداف.
فإن كان الهدف استفزازك لتبدو غاضباً، فهو وسيلة لجرك إلى قلب المعركة، للخطأ، لتفلت الكلمات، ولتبدو عنيفاً وتؤخذ بالجرم المشهود، لذا كن هادئا مهما كان الاستفزاز سافراً، لا تمنحه فرصة تعثرك، لأنه سوف يصعد على الفوضى التي ستقوم بها نيابة عنه.
وقد يكون الهدف جرك لاعتراف بخطأ لم ترتكبه، وعادة سيكون هجومياً وسريعاً، احتفظ بحق الصمت لتستوعب ما هو الخطأ الذي يريد إلصاقه بك، اهدأ فلست مجبراً على الرد بسرعة، يمكنك أن تشغله بسؤال أمام سؤال، لكن لا تجبه فوراً.
وقد يكون الهدف هز ثقتك بنفسك، وتخويفك، وتهييبك، فاطمئن، وكن شجاعاً، بل كن حديث الشجاعة في هيئة إنسان، واجه العين بالعين، واجبر تنفسك على الانضباط، لا تخف، لا أحد يسمع نبضك إلا أنت، فالتظاهر سهل جداً، أعد له الركلة ليكون هو الخائف، لأنه يقيس شجاعتك، فامنحه مقاساً يفوق حجمه وتوقعاته.
ذلك في المواجهات التي لم تحسب حسابها، أما المواجهات المدروسة، فاجمع ما استطعت من المعلومات والأدلة، والشواهد، فإنها قوة خارقة، تقلب الموازين في ظرف ثانية من إعلانها، تحدث بالأرقام، ولتكن حقيبتك مكتظة بها، وبما يثبتها.
إياك أن تنبهه على خطأ، دعه يخطئ أكثر وأكثر، واجمع أكثر منه، وحين تكتمل حقيبتك، ستشعر بالنصر والأمان قبل المواجهة بكثير، بل قد تنهي الجولة دون الحاجة لمواجهة.
تذكر أن التغافل فن يفوق الذكاء المندفع بمراحل، التغافل يعني أن لا أحد يدري عن يقظتك، إنهم يعتقدون أنك غارق في غفوة، وأنت تسمع وترى وتحفظ.
الكلمة الأخيرة ليست حاسمة، والضربة الأخيرة ليست قاتلة، بل قد تكون الأولى هي الأهم، وقد تكون الوسطى، لذا لا تستعجل، ولا تتباطأ، حين تراه يترنح، مرعوبا، تائها، فهو التوقيت المناسب.
حمانا الله وإياكم من مائدة الشياطين.