رمضان جريدي العنزي
الوقاية خير من العلاج، ورياضة المشي بهمة ونشاط بشكل يومي تغني عن زيارة الطبيب، وفضلاَ عن كون المشي رياضة بدنية جيدة، فهو نشاط ممتع يفيد القلب والمفاصل، ويعالج البدانة والاكتئاب، ويكسب الجسم مزيداً من القوة والنشاط ويقوي العضلات المترهلة، ويخفف من مظاهر تقدم السن، يرمم ويجدد خلايا الجسم ويحسن المزاج، مع وجوب الاعتدال في الطعام، والابتعاد عن الدهنيات والسكريات بشكل كبير، والإكثار من الخضروات والفواكه الطازجة، والمشي أقل الرياضات التي تتطلب بذل مجهود، ولا يحتاج إمكانيات كبيرة أو مكان محدد لممارسته، وكلما مشى الإنسان ازداد خفة ورشاقة وشعر بالارتياح التام، وكلما مشى أكثر، كلما شعر بحال أفضل، إن رياضة المشي هي أقدم رياضة عرفتها البشرية، بل تبقى الرياضة الأسهل والأهم في تنشيط الجسم وإدامة الصحة البدنية والعقلية والنفسية للإنسان، يقول العرب الأوائل في الحركة صحة وبركة، بينما الجلوس الطويل، والركود التام، والحياة الخالية من النشاط البدني، من مسببات العجز والأمراض، إن اجتماع انعدام النشاط البدني مع النظام الغذائي الخاطئ والتدخين بأنواعه، هو السبب القاطع لغالبية حالات مرض القلب التاجي المبكر، والعديد من أنواع السرطان والسكري وارتفاع ضغط الدم واضطرابات شحوم الدم وتخلخل العظام والاكتئاب والقلق، كما يفيدنا بذلك الأطباء المختصين بهذا الشأن، إن المشي من أقل التمارين الرياضية ضرراً على الإنسان، والأقل في احتمالات الإصابة خلال التمارين، وهو بالتالي يفيد القلب والرئتين والدورة الدموية الدماغية ويحسن من الدورة الدموية الكبرى، يفيد المشي في التخلص من الضغوط النفسية والقلق والإجهاد اليومي، ويحسن من الوضع النفسي ومن تجاوب الجهاز العصبي (اليقظة) وهذا ناتج من المركبات التي يفرزها الجسم خلال المشي، يمكن مزاولة المشي في أي مكان وزمان بدون تجهيزات أو ملابس خاصة، ويمكن أن يكون جزءاً من الحياة اليومية، فيكون بديلاً عن ركوب السيارة متى أمكن ذلك، فمن الأفضل أن نعتاد الذهاب للمسجد أو البقالة أو المدرسة مشيا على الأقدام، لقد اكتشف الباحثون أن المشي الحثيث يساعد في خفض ضغط الدم المرتفع وفي خفض الوزن دون اتباع حمية غذائية، كما أنه يعدل من مستوى الشحوم في الدم ويقلل من الحاجة إلى تناول الأنسولين لدى المصابين بالسكري في سن الرشد، فضلا عن أنه يخفف من الألم في مناطق الظهر والرأس، وحتى أنه يحسن المزاج وطاات التفكير والتأمل، يقول العلماء إن أفضل أنواع المشي هو ألا تسرع كثيراً ولا تبطئ كثيراً وهذا هو المشي المقتصد، ولذلك قال لقمان لابنه وهو يعظه: (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) أي امش مشياً معتدلاً وسطاً ليس بالبطيء وليس بالسريع المفرط، إن رياضة المشي يجب أن نقرها في حياتنا اليومية، ونجعلها من ضمن إستراتيجيتنا وعاداتنا وهواياتنا، لقد دعى الإسلام إلى التربية البدنية، ففي الحديث الشريف (إن لبدنك عليك حقاً) فالجلوس الطويل خلف المكاتب، ومشاهدة التلفزيون لساعات طويلة، والانشغال في أجهزة التواصل الاجتماعي بأنواعها لأوقات طويلة، يطمس العقول والأبدان ويوسمها بالوهن، عكس المشي الذي يمنح الإنسان صفاء العقل، ونشاط البدن، وراحة الفكر، وبناء عليه لا بد أن نجعل من المشي لدينا ثقافة اجتماعية لتحسين العقل والروح والبدن.