أ.د.عثمان بن صالح العامر
يستنكر الإنسان العادي فضلاً عن السياسي المتمرس، والمفكر الخبير، والمثقف المتابع، والكاتب المحترف، و... ما قاله الرئيس الأمريكي ترامب مؤخرًا في حق المملكة العربية السعودية ورموزها، فهو كلام لا يمكن أن يصدر من رجل لبيب عاقل، فضلاً عن أن يكون سياسيًا، بل رئيسًا لدولة، وليست أي دولة، إنها الولايات المتحدة الأمريكية، وفي هذا الوقت بالذات.
لقد اعتاد ترامب أن يتهجم ويتوعد، يرغي ويزبد، ولا يكون لقوله رد، وربما ظن هو ومن حوله بأن ما كان من الدول، التي عرّض بها، وقدح في سياستها، بل فرض عليها عقوبات ملزمة من قبل سيكون هو ذاته موقف حكام المملكة وساستها، ولكن سرعان ما خابت ظنونه، وتبددت أوهامه، حين انبرى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد الأمين ليتحدث للكل بكل صراحة ووضوح، عن هذا الموضوع وغيره من خلال (بلو مبيرغ)، واضعًا النقاط على الحروف، مبينًا من نحن، وماذا نملك، وما هي أسس بقائنا، وضوابط تحركاتنا، وثمن أمننا، وحجم قوتنا، وسر علاقاتنا إيجابية كانت أم سلبية، سواء مع الولايات المتحدة الأمريكية أو ألمانيا أو كندا أو غيرها.
لم يكن هذا اللقاء لسمو ولي العهد مع (بلو مبيرغ) لقاءً عابرًا، بل حديث سياسي مهم، ووثيقة تاريخية مهمة في بيان معالم العلاقة السعودية- الأمريكية في عهد الرئيس ترامب، فضلًا عن كونه - في نظري - قولاً فصلاً في أبعاد عدة، أهمها: تاريخنا الوطني، وهويتنا الحقيقية، وأمننا القومي، ومنجزاتنا الحضارية، ومكتسباتنا الاقتصادية، وقبل هذا وذاك تذكير بخطوطنا الحمراء التي لا يمكن أن نقبل من أي أحد، كائنًا من كان أن يتجاوزها أو يقترب منها، وفي طليعتها (ديننا الإسلامي، وسيادتنا الوطنية، ورموزنا الخاصة، ومصالحنا العامة، ومنجزاتنا السعودية).
لقد قال سمو الأمير ما يحمله كل مواطن - صادق في انتمائه، غيور على بلده، عزيز في ذاته، معتز بكيانه الذي يقطنه وبقيادته التي تحكمه - من ردة فعل إزاء ما كان من حديث فج ومستغرب من قبل الرئيس ترامب، واستطاع - حفظه الله ورعاه - بكل براعة وحذق وذكاء أن يجمع في إجاباته على الأسئلة التي طرحت عليه بين كلمة القوة وقوة الكلمة التي قلما تجتمع لأحد من الساسة والقادة في عالمنا المعاصر فضلاً عن غيرهم.
إن مشاعر الفخر والاعتزاز التي يكنها الوطن والمواطن لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، تسابق كلمات الشكر والامتنان التي تتقازم أمام قامة رمزنا الفذ الذي سجل ويسجل في صفحات التاريخ منجزات جديدة، وسطر ويسطر بين دفتيه أقوالًا وأحاديث خالدة لا يمكن أن يمحوها كَر الجديدين مهما تطاول الزمن وتصارمت الأيام، ولا يملك المرء - مواطنًا كان أو مقيمًا أو حتى زائرًا - إزاء ما قدمته وتقدمه حكومة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد ابن سلمان بن عبد العزيز من خدمات وتسهيلات ومنجزات وقفزات تنموية إلا الدعاء. فاللهم احفظ لنا قادتنا، وأدم مجدنا، وانصر جندنا، واحم مقدساتنا، وأرضنا، وشعبنا الوفي، وألف بين قلوبنا، وقنا شر من به شر، ودمت عزيزًا يا وطني، وإلى لقاء والسلام.