عمر إبراهيم الرشيد
يشكل مسمى أي كيان خدمي جزءاً من هويته ورسالته والمهام المناط به أداؤها. ونعلم أن تغيير مسمى وزارة الزراعة إلى (وزارة البيئة والمياه والزراعة) يعكس الأولويات التي تنشدها الحكومة وتخطط لتنفيذها وهو ما أتى ضمن برنامج التحول الوطني 2020 والرؤية 2030 بعون ومشيئة الله تعالى. ومن نافلة القول إن مناخ المملكة صحراوي شحيح الأمطار في معظم أرجائها، كما أن منسوب المياه الجوفية قد تناقص على مر السنين، والتخطيط الرشيد هو اللجوء إلى الاستثمار الزراعي الخارجي وهذا ما بدأته المملكة منذ سنوات عبر الاستثمار الزراعي في عدة دول كما نعلم، ذلك أن الزراعة وبالأخص الأعلاف والحبوب تستنزف مخزون المياه المحدود، وكما قلت فإن نظرة إلى مسمى الوزارة يبين أولويات الوزارة وأسبقية قطاعي البيئة والمياه على قطاع الزراعة داخل المملكة.
كان لا بد من هذه المقدمة حتى ألج إلى قضية تعلمون أيها الكرام مدى خطورتها صحيًا واجتماعيًا وتنمويًا وهي السلامة والصحة البيئية. أسكن في شمال العاصمة وقرب منزلي أراض بيضاء لا تمت إلى البياض بصلة، إنما هي مكبات للنفايات العمرانية من أسفلت وخرسانة وحديد وأخشاب، في تلوث بيئي وبصري مؤذٍ للعين والنفس، وقرأت عن حملة الأمانة لإزالة مظاهر التلوث البصري والبيئي عن أحياء العاصمة وأنتظر وأرجو مع غيري من سكان الحي أن تصلنا تلك الجهود. ثم هناك تساؤل وهو لم لا يتم الاستفادة من هذه النفايات في عمليات رص وسفلتة الطرق بحيث تكون أساسات للطرق والأرصفة، هو تساؤل من غير متخصص. وقبل أيام رأينا مبادرة رائعة من أمانة منطقة الأحساء وهي إنشاء مصنع لإعادة تدوير النفايات العمرانية، ولنتخيل تعميم هذه الخطوة على مناطق المملكة وكيف ستؤثر على ما يسمى الأراضي البيضاء وهي المعروفة بأثرها البيئي والصحي والنفسي على السكان، وما تشكله من مصادر وفيرة للغبار والأتربة عند هبوب العواصف وهطول الأمطار. وتخيلوا معي أيها الكرام لو أن نظام رسوم الأراضي البيضاء يشمل بنداً بإلغاء الرسوم أو جعلها رمزية في حالة زراعة الأرض الفضاء بأشجار نوعية تغير بيئتنا وتعيد اللون الأخضر إلى مدننا ومياديننا!
الإنسان ابن بيئته يتصحر بتصحرها، وتهدأ مشاعره وتتجمل نفسه باخضرارها ونقاء هوائها، مناخنا صحراوي هذا أمر صحيح لا مراء فيه، إنما علمنا الله تعالى في كتابه الكريم ونبيه عليه السلام في سنته أن نراعي بيئتنا بدءاً من فناء المنزل وانتهاء بالأراضي الخالية. بمقدورنا ترويض بيئتنا برعايتها بدلا من حربها، قال الله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ}، والفساد هنا يشمل الفساد البيئي أو هو المقصود في الآية من عبث الانسان وجشعه وإهمال بيئته وحربها في سبيل مطامعه والله تعالى أعلم. ولعل حملة التشجير الوطنية الحضارية في مختلف المناطق بداية التحول الوطني البيئي، وطابت أيامكم.