لبنى الخميس
هل كنتَ شخصاً متميز الأداء وسريع التعلم في مجالٍ ما وفجأة معظم من حولك سبقوك؟..
هل كنتِ معلمة نشيطة بعد التخرج من الجامعة، متحمسةً لتطبيق ما تعلمتِه خلال تحصيلك الأكاديمي، وبعد سنوات من تميزك شعرت بأن أفكارك صارت باتت قديمة وأفكارك مترهلة؟..
إذا كانت الإجابة نعم، السطور المقبلة قد تنطبق عليك وتفسرحالتك..
قبل أيام تعلمت مبدأ أثار اهتمامي وشغفي للبحث أكثر عنه، وهو (منحى التعلم) في حياتنا، يعتبر هرمان ايبنجهاوس أول شخص شرح منحنى التعلم، وكان ذلك في عام 1885. فقد توصل إلى أن الوقت اللازم لتذكر كلمة لا معنى لها يزداد بشكل كبير بزيادة عدد مقاطع الكلمة وهو الخط الذي يحدد مسار تعلمنا وتميزنا في مجال محدد.
ولكي أشرحه باختصار وبساطة سأَضرب مثالاً بشخص قرر أن يتلعم لعبة التنس، في أول الأيام سيكون منحنى التعلم جداً عالٍ، إذ سيتعلم وبدفعة واحدة الكثير من تقنيات وقوانين اللعبة، كيف يمسك المضرب؟ كيف يقف في المعلب؟ كيف يبني مهارات الإرسال والاستقبال؟.. وحين تمر فترة سيتراجع أو يتوقف منحنى التعلم عن الصعود ويتحول لخط مستقيم.. لماذا؟ لأننا توقفنا عن التطور؟ فبدلاً من أن نلعب يومياً أصبحنا نلعب كل يوم خميس، وبدلاً من أن نتعلم? معلومات مهمة أصبحنا نتعلم معلومة واحدة مهمة فقط.. ولذلك أداؤنا لن يتحسن مع مرور الوقت هذا إن لم يتراجع.
فهناك دراسة أجريت على مجموعة من الأطباء والجراحين في أمريكا.. وجدوا بأن أداءهم مع مرور الوقت كان ينخفض ولا يتطور.. لأن مجالاً مثل الطب متجدد، وتقنايته متغيرة بصورة سريعة وقياسية.. كل يوم هناك بحث جديد، ومقترح لأسلوب علاج آخر، وأدوية لم تعد تفيد المرضى بقدر ما تضرهم.
ونفس الشيء ينطبق تقريباً على كل شيء في حياتنا.. حين دخلنا مجالنا لأول مرة سواء كان علم نفس أو إعلام أو مالية أو قانون، كيف كنا متشوقين لتطبيق أفضل ما تعلمناه في الجامعة واكتسبناه من بطون الكتب وفصول الجامعة، وفجأة صار عملنا روتينياً في عالم غير روتيني على الإطلاق، يتجدد ويتغير كل لحظة بتدفق معلوماتي فظيع!.. فبالتالي أصبحنا ننتمي لمجموعة «العاديين» الذين عجزوا عن مواكبة سرعة تغير مجالاتهم، وقوة تدفق الدراسات والأبحاث التي غيرت عمق مفاهيمها وأسرارها.
إذا كنت تتمنى أن تفوز ببطولة تنس.. أنك تلعب كل يوم خميس.. وأن تتعلم معلومة أو معلومتين في الجلسة التدريبية لا يكفي.. لذلك الرياضيون الاحترافيون مهما بلغت مهارتهم ومستوى احترافيتهم، لديهم مدربون يدفعونهم للتعلم والتحسن بشكل مستمر، وتعلم تقنيات جديدة ومتابعة حميات مستمرة، والمنافسة حتماً لها دور كبير في إشعال الهمة والحماس للتعلم.. وإلا سينتهي بهم المطاف هواةً وليسوا أبطالاً.