إبراهيم عبدالله العمار
مسلسل Breaking Bad من أفضل ما أنتجه الترفيه المعاصر، وهو عن والتر وايت، مدرس كيمياء في مدرسة يكتشف أنه مصاب بالسرطان؛ ويقرر الاتجاه لصنع المخدرات مستخدمًا خبرته في الكيمياء؛ وذلك ليترك مالاً لعائلته. وتتطور الأمور ليصبح إمبراطور مخدرات عظيم الشأن. ولا تعتقد أن مثل هذه القصص حكر على الخيال؛ فالواقع مليء بأشياء أعجب من الخيال، منها قصة ويليام بيكارد.
إنه أيضًا خبير في الكيمياء، وكان مدير الأبحاث في جامعة بيركلي في كاليفورنيا. أُمه خبيرة أمراض الفطريات، ووالده محامٍ. وهكذا أتى بيكارد من عائلة متعلمة ميسورة، وصار هو نفسه عالمًا، ولكن لأسباب مجهولة عزم بيكارد على دخول مجال المخدرات؛ فتحالف مع تاجر يبيع الماريوانا، واشترى مستودعًا ضخمًا، كان يُستخدم لتخزين الأسلحة النووية، وحوَّله بيكارد إلى مصنع لنوع صعب التصنيع من المخدرات، هو «إل إس دي»، أو ما يعرف بعقار الهلوسة.
إنتاج بعض أنواع المخدرات لا يحتاج إلى الكثير من الخبرة؛ فتؤخذ من بعض النباتات، وتعالَج بطريقة معينة، وتُباع. أما عقار الهلوسة فيحتاج إلى دقة وخبرة بالغتَيْن؛ لأنه يخلط من الكيمياء الصافية، ولا يستخلص من النبات؛ ولهذا اعتمد بيكارد على خبرته العميقة في الكيمياء. ما هو مدهش هو أن بيكارد صنع كمية ضخمة من المخدرات. تتساءل عن مدى ضخامتها؟ بدءًا من عام 1991م كان بيكارد يصنع تسعة أعشار عقار الهلوسة في العالم كاملاً! ظل بيكارد وشريكه يحصدان مالاً عظيمًا، والطلبات تأتيهم من شتى الدول والقارات؛ فقد كان بيكارد يصنع كيلوجرامًا واحدًا من عقار الهلوسة كل 5 أسابيع، ويبيعه بثلاثة ملايين دولار، إلى أن لاحظ بيكارد في شريكه المتهور خطرًا على تجارتهما؛ لأنه مقامر متعصب، وسبَّب ضجة في أحد نوادي القمار ذات مرة، فلما قلق بيكارد من ذلك آثر أن يفض الشراكة، ويفترقا، وكان هذا عام 2000م؛ فاستأجر شاحنة، وأخذ ينقل أدواته من المصنع إلى مكان آخر ليستقل، وفي الطريق استوقفته سيارة شرطة، اشتبهت في شاحنته، ووجدوا معه أدوات مخدرات، حينها اتجهوا لشريكه، وقبضوا عليه؛ فانهار الشريك، وعرض أن يتعاون معهم، وأن يشهد ضد بيكارد؛ فوافقوا، وأطلقوا سراحه بعد تعاونه، وذهب بيكارد للسجن الذي سيمكث فيه إلى الثامن من مايو من عام 2029م. ولما قبضوا عليه اندثر 90 % من العقار المهلوس حول العالم!
إنجاز بيكارد كبير، لكن في الباطل. يا ترى ماذا كان سيصنع هذا العبقري لو أنه اتجه لمجالات الخير؟