د. محمد عبدالله الخازم
هذا المقال لتعميق فكرة الأسبوع الماضي «كونسورتيوم جامعات مكة» التي اقترحت فيها تأسيس منظومة شبكة أو نظام للجامعات المتقاربة مكانًا، واستخدمت مثال جامعات منطقة مكة (الطائف، جدة، عبدالعزيز، أم القرى وسعود الصحية). الفكرة حظيت بالإشادة وبعض التساؤلات، واحتجاج وحيد حول المصطلح الأعجمي. استُخدم مصطلح الشبكة أو الكونسورتيوم، ومستقبلاً قد يتطور ليكون ما يعرف بنظام الجامعات على غرار ما هو موجود عالميًّا، بخاصة في أمريكا؛ إذ ترتبط مجموعة جامعات تحت مظلة تنظيمية موحدة. إليكم التصورات التي تؤكد واقع جامعاتنا؛ وبالتالي حاجتنا للشبكة المقترحة:-
- طالب جامعة عبدالعزيز لا يستطيع دراسة مادة بجامعة سعود الصحية؛ فلا سعود الصحية تتيح له ذلك، ولا (عبدالعزيز) تعترف بذلك. بينما في الجامعات العالمية تستطيع دراسة مادة حتى خارج بلادك، وتحسب في سجلك الأكاديمي.
- كلية الطب بجامعة أم القرى لديها تضخم في أعداد أساتذتها بينما جامعة الطائف تعاني نقصًا شديدًا بسبب حداثة كليتها، ورغم ذلك لا يستطيع الأستاذ من أم القرى تدريس مادة بالطائف أو الحصول على لقب أستاذ متعاون بجامعة الطائف دون الانتقال الكامل أو الإعارة. جامعتان متجاورتان، إحداهما لديها تكدس، والأخرى لديها نقص، ورغم ذلك لا يتاح استفادة كل منهما من الأخرى. نمنح لقب أستاذ متعاون لدكتور من أمريكا، ولا نمنحه لسعودي من جامعة مجاورة!
- توجد معامل بحثية بجامعة جدة، ولكن ليس لديها باحثون بشكل كاف، والتخصص يوجد به كفاءات في جامعة أم القرى، ورغم ذلك لا يستطيع الباحث من أم القرى الاستفادة من معمل البحث بجامعة جدة دون (حب الخشوم).
- جامعة سعود الصحية لديها برنامج لتطوير أساتذة الطب، واستقدمت خبيرًا لهذا الأمر. وجامعة جدة لديها كلية طب حديثة. جامعة جدة لا يستطيع أعضاؤها الاستفادة من برنامج سعود الصحية أو من الخبير الزائر.
- جامعة الطائف تعاقدت مع شركة تقنية عالمية لتأسيس نظام المعلومات الطلابي، والشركة نفسها تعاقدت معها جامعتا جدة وعبدالعزيز بمبالغ متفاوتة. لو تعاونت الجامعات لكان لها قوة تفاوضية أفضل مع الشركة، وربما عقد موحد أو حتى نظام موحد.
أعلاه تصورات تُضاف لما طرحته الأسبوع الماضي، تصف واقعنا، وتؤكد أن جامعاتنا متقاربة جغرافيًّا متباعدة قلوبها.. وعليه نؤكد حاجتنا لتأسيس شبكة أو كونسورتيوم، أو نظام - بغض النظر عن الاسم - لكل مجموعة جامعات متقاربة جغرافيًّا لتطوير التعليم العالي لدينا بدلاً من إيجاد نسخ مكررة لا تتعاون مع بعضها سوى في أطر ضيقه، ووفق عملية بيروقراطية معقدة، تعود فيها للمركز.
لا أدري من يعلق الجرس، لكن أطالب الجامعات بالمبادرة في هذا الشأن.. وكما هي تتسابق للتعاون مع جامعات خارجية علَّها تبدأ التعاون والتكامل مع من هي في محيطها بما يخدم تطوير العملية الأكاديمية، ويرشِّد المصاريف الاقتصادية، ويطور منظومة التعليم على المستوى الوطني. لا نرفض التنافس في حدود الجودة وكفاءة المنتج، لكننا نريد التخلص من الأنانية والتقوقع والهدر الوطني الحاصل في الوقت الراهن بين جامعاتنا، حتى وهي تتجاور في مدينة أو منطقة جغرافية واحدة.