فهد بن جليد
الإعلامي السعودي - أعني هنا - من يعمل في وسائل الإعلام التقليدية والإلكترونية، من أكثر مشاهير العصر إخلاصاً للمهنة وبذلاً للجهد والعطاء، وأقلهم فائدة منها عطفاً على المرتبات والحوافز المُتدنية، عكس (مهابيل) بعض وسائل التواصل الاجتماعي الذين اشتهروا بين عشية وضحاها، دون أي مؤهلات حقيقة تُفيد المُجتمع، إمَّا بمحض الصُدفة البحتة، أو بسبب مواقف طريفة حدثت لهم، أو حتى نتيجة مواقف مؤذية وغير لائقة تناسها (الجمهور)، وباتوا يصفقون لهؤلاء ليحصدوا بدورهم ملايين الريالات ويتغنَّون بها، حتى أنَّ أي سقطة أو غلطة أو فضيحة قد تنبئ بولادة (نجم جديد) مُحتمل على الساحة!.
(فشخرة) هؤلاء وتباهيهم بالمكاسب المادية الهائلة التي يحصلون عليها بعد شهرتهم (دون عناء) أو تأهيل، أصاب بعض من أفنى حياته ووقته خدمة للصحافة أو الإعلام أو التلفزيون أو الإذاعة (بالحموضة والكئابة)، وكأنَّ الحياة صفقت لبعض (السذج) وأدارت ظهرها لهؤلاء، الذين تناساهم المُعلن وقبله أصحاب المناسبات ومنظمو المعارض والاحتفالات ممَّن ركبوا موجة المشاهير، أتفهم مثل هذه المخاوف مع تزايد الاعتماد على بعض (هؤلاء المشاهير) في لعب دور تغطيات الصحافة والتلفزيون وحتى الإعلان - بمُقابل مادي- إضافة للاحتفاء ببعضهم (بمُقابل مادي أيضاً) وإعطائهم مساحة كبيرة للظهور عبر القنوات الفضائية (كمادة مُثيرة) تجلب المزيد من المُشَاهدات، والخوف أن تتطور هذه الحالة أكثر (ليحلوا محل من سبقهم) بحيث يتم إسناد إعداد وتقديم البرامج التلفزيونية والإذاعية لبعض (الفارغين) من هؤلاء، ما يُنذر بأنَّ (التلوث) السمعي والبصري، لن ينحصر على مُتابعيهم عبر وسائط التواصل، بل سيطال جميع من يُشاهد منصات الإعلام العامة والحقيقية.
القصة كاملة تُذكرني بما كان يحدث من صراع خفي بين الإعلاميين والفنانين، الذين هجروا الفن بعد أن حققوا مكاسب مالية كبيرة منه، وتحوَّلوا إلى مُذيعين ومُقدمي برامج بحثاً عن المزيد من الشهرة والفائدة، لا أعرف هل ألوم أهل الإعلام والاختصاص الذين تركوا لهؤلاء (الحبل على الغارب) لتشويه الإعلام بشخصيات (غير مُكتملة) النمو والثقافة والفهم والتعليم، أم ألوم من يصنع منهم نجوماً من (تتش) لمس، ليتفرَّغوا لجمع فلوس الإعلانات في جيوبهم (دون حسيب أو رقيب)!.
وعلى دروب الخير نلتقي.