د. أحمد الفراج
أثناء استجواب مرشح ترمب للمحكمة العليا، في لجنة الشؤون القانونية، كان واضحًا أن هناك انقسامًا حزبيا حادّا، فالجمهوريون كانوا مع تعيين المرشح، والديمقراطيون كانوا ضد التعيين، ولم يكن ذلك مبنيا على كفاءة المرشح، بل على الأيدولوجيا والولاء الحزبي، وهذا ليس جديدا، ولكنه بات أوضح من ذي قبل، منذ فوز ترمب بالرئاسة، فقد كان هناك حماس منقطع النظير، من قبل أعضاء اللجنة الجمهوريين، لتعيين المرشح بأقصى سرعة، ورفض قاطع للتأني، وتحويل موضوع اتهام المرشح بالتحرش لمكتب التحقيقات الفيدرالي، ومن تابع مداخلات رئيس اللجنة، السيناتور الجمهوري تشارلز قراسلي، وزميله عضو اللجنة الجمهوري أيضًا، السيناتور اورين هاتش، يدرك معنى الانحياز بكل وضوح.
ومن باب الإنصاف، فإن الديمقراطيين لم يكونوا موضوعيين أيضًا، فالسيدة التي اتهمت المرشح بالتحرش، أرسلت رسالة بهذا الخصوص لعضو اللجنة القانونية، الديمقراطية ديانا فانستاين، وبدلا من أن تكشف فانستاين عن تلك الرسالة مبكرًا لأعضاء اللجنة، احتفظت بالرسالة لمدة طويلة، ولم تعلن عنها إلا بعد أن انتهى الاستجواب، وحان وقت التصويت، وكانت حجتها أن السيدة لا ترغب في الكشف عن اسمها، وهذه حجة ضعيفة، إذ إن السيدة كشفت في النهاية عن اسمها، بل وأدلت بشهادتها أمام اللجنة، ما يعني أن الديمقراطيين حاولوا إطالة أمد الاستجواب، حتى لا تتم المصادقة على مرشح ترمب قبل الانتخابات النصفية، وهذه لعبة كراسي حزبية من عيار ثقيل جدا.
المعضلة في مثل هذه المواقف، هي أن الحذر يجب أن يكون سيد الموقف، فترمب والجمهوريون لا يستطيعون الهجوم على السيدة التي ادعت بالتحرش، لأن ذلك يعني المخاطرة بأصوات السيدات في الانتخابات القادمة، وبالتالي فهم يدعمون المرشح، وفي ذات الوقت، يبدون تعاطفهم مع السيدة، التي اتهمته بالتحرش، ويقولون إنها كانت ضحية للتحرش بالفعل، لكن ربما من قبل شخص آخر غير المرشح، والديمقراطيون يحاولون أن يكسبوا أصوات السيدات، عن طريق الوقوف بحزم ضد التحرش، وموقفهم الصارم ضد مرشح ترمب، يهدف إلى كسب الأصوات النسائية في المعارك الانتخابية القادمة، وكمتابع ومعلق، أرى أن الانقسام والانحياز الحالي في أمريكا، أفسد أجمل ما في الحراك الديمقراطي، ففي النهاية، سيتم تعيين مرشح ترمب أو رفضه، ليس عطفا على كفاءته أو عدمها، كما يفترض، بل عطفا على الأيدولوجيا والولاء الحزبي!