محمد جبر الحربي
تَعْيَـا الــحُرُوبُ وَجُلُّ النَّاسِ مَا تَــابُوا
أسْرَى رَحَاهَا لَهُـمْ رَجْـفٌ وأنْـخَـابُ
وَالأبْرِيَـاءُ هُــمُ الأدْنَـى لِـحَـاصِدِهَا
وَمُشْعِلُوهَا جُـنُـودُ الـمَـوْتِ أَحْـزَابُ
والنصرُ ما كـانَ إلا فـي تــوهُّمِـهِمْ
لـلحـقِّ رأيٌ، ولـلـتَّـاريـخِ كتَّـابُ
حتى غشـتــهمْ وهمْ أسرى ثمـــالتِها
فزلزلتـهــمْ بـمـا زادوا وما جـابـوا
فــسـلْ بـذاكَ خـبـيـراً إنّـهُ قـدَرٌ
الشرُّ يَـفـنَى.. وإن كـانـتْ لـهُ نـابُ
فِي البَدْءِ كَانتْ بُذُورُ الحُبِّ فـــَاتِحَــةً
تُعْطِي ثِمَارَاً لَهـَا بـالـنَّـاسِ أسـبـابُ
ثُمَّ اسْتَقَـرَّتْ عَلى نَـسْـلٍ وتــجْرُبَــةٍ
وكانَ مِــنْـها.. سُــلَالَاتٌ وَأَنْـسَـابُ
فسَادَ مَنْ سادَ منْ للخيرِ شُعْــلتُـــهُمْ
عبرَ القرونِ لهــمْ عِــطـرٌ وتِرْحَــابُ
وبَادَ مَنْ بَــادَ بالــسُّوءِ الذي جلـبــوا
لمْ تَـغْنَ مِنْ قبلُ بالأحقـافِ أحْـــقَـابُ
إنْ كَانَ لا سِـتْـرَ بالأخْــلاقِ تَلْـبَسُـهُ
لَنْ يَسْتُرَ المرْءَ بَيْـنَ الـنّـاسِ جِلْـبَـابُ
طَارَتْ حَمَامَةُ نَخْلِي صَــوْبَ قِبْلَتِـهـا
وَمَا انْحَـنَى صَبْرُهُـا، فَالـطَّـيْــرُ أوَّابُ
هـا قـدْ رَجَـعْـنَ جَـمِيعَاً فِــي مَعِيَّتِها
لِبَهْجَةِ الأهلِ مَا غَابَتْ وَلا غَـــابُـــوا
فَسَبَّـحَ النَّخْـلُ والتَّـرْجِــيـعُ يَتْبَـعُــهُ
وَعَادَ لِلْأَرْضِ نَـهْــرٌ كَــادَ يَرْتَـــابُ
نَهْرٌ مِنَ الخْيْرِ لَا تُحْــصَى فَضَــائِــلُـهُ
أمَّـا مِــنَ الشُّـكْرِ أنْهَــارٌ وَأَعْــنَـابُ
النَّاسُ تَــعْرِفُ مَــنْ أعْطَى فتَـعْــبُـدُهُ
وَالمَاءُ يَعْرِفُ مَـنْ أَحْــيَــا فَيْنْسَــابُ
لمَّا أفـقـتُ وكــلِّ الأهـلِ قـد رقـدوا
أُقَرِّبُ الحــرفَ.. والإيــمـانُ جَــلَّابُ
وفي حديقةِ صَدْرِي عِــطرُ زنــبــقـةٍ
ومِنْ ثمارِ الـرُّؤى سِــدْرٌ وعـــِنَّــابُ
لكنَّهُ النخلُ يسمــو فــي شـوامـخِـها
مَنْ غيرُهُ في رمــالِ الــتيــهِ وهَّــابُ
ذا َمَــنَهَــلُ الشِّعْرِ يدنيني لغيـمتِــهـا
غـيمُ القــصـيدةِ.. هـتّـَانٌ وَسَــكَّابُ
لذاكَ يعلو قصـيدي فـي مــسامِـعـِهـمْ
ويُصطَفَى كرْمُهُ والــكَــرْمُ جَـــذّابُ
حَارَبْتُ بِالحُبِّ حَتَّى عَــادَ مُـنْتَــصِـرَاً
لا يُهْزَمُ الحُبُّ طَبْــعُ الحُــبِّ غَــلَّابُ
فَالْحُبُّ سِدْرَةُ إِيمَانِي، ومُهْـــجَـتُـهَـا
مِحْرَابيَ الحُبُّ مَــا لِلْــكُرْهِ مِـحْـرَابُ
لَمْ أعْرِفِ الكُرْهَ طِــفْـلاً في متـاهَــتِهِ
وَلَا عَرَفْتُ وَأَهْلُ البَيْتِ قَدْ شَـــابُــوا
حتى كَبُرْتُ فَصَارَ الحُبُّ مَــدْرَسَــتِـي
والرِّفْقَةُ الدَّرْبُ وَالْكُــرَّاسُ وَالــبَــابُ
البَيْتُ وَالحَرْفُ مُرْتَادِي وَمُعــتكَـفِــي
وَالنَّاسُ بِالنَّاسِ أنــسـابٌ وَأصْــحـَابُ
بــالـحُبِّ تُـورِقُ أرْواحٌ بـغربــتِـهـا
وتُستعَادُ وعـزْفُ الـــرُّوحِ زِريَـــابُ
كمْ كـنـتُ أحْـسَـبُ أنِّـي تـائِـهٌ أبـداً
أنِّــي غريبٌ.. وكلُّ الناسِ أغــــرَابُ
حتى عرفتُ غـداةَ الرُّشـدِ مـنــزلـتـي
أنِّي حبيبٌ.. فــكــلُّ النَّـاسِ أحـبَـابُ
ما أعظمَ الـحُبَّ والإيـمـانَ في لــغتي
لنْ يُهزمَ الحُبُّ.. طبعُ الحُبِّ غلَّابُ..!