سعد بن عبدالقادر القويعي
أجمل ما ورد في موضوع أمسية تجارب التعايش ضمن عنوان: «في رحاب الوطن.. تجارب في التعايش والتواصل» لمنتدى الثلاثاء الثقافي بمحافظة القطيف، هو التأكيد على وجود تجارب عديدة من التواصل، والتعايش الاجتماعي، يمكن البناء عليها؛ كي تكون نماذج ناصعة من التفاعل البيني في المجتمع، ومقاربتها من مختلف الجوانب؛ باعتبار أن غياب التعايش، يعني: تشظيا للإرادة المشتركة، والذاكرة الجمعية؛ بسبب إفرازات الأحداث، وسيادة منطق الصدام، والاحتراب.
لا مبادئ وطنية من دون مواطن حقيقي، وتلك معادلة ينبغي الاستناد عليها في عملية تطوير العلاقات الاجتماعية، والإنسانية، وتجاوز سيادة مبدأ التشدد، والتطرف الذي حمل في طياته الأحقاد، والضغائن، والغلو؛ الأمر الذي عزز من ثقافة الانقسام، وغياب الثقة المتبادلة بين أفراد المجتمع الواحد، -وبالتالي- فإن إدراك تلك المخاطر، وتداعياتها، وفق قاعدة المساواة، والاشتراك في الآدمية، والإنسانية، وعدم التنصل من موجبات المشترك الإنساني، سيعمل على طرح الحلول، والآليات الناجعة؛ للحيلولة دون تفاقم تلك المشكلات، وتحولها إلى أزمات، من الصعوبة إيجاد الحلول لها.
في هذا السياق، فإن إحدى أهم ركائز تحقيق السلام في المجتمع، والضبط الاجتماعي، هو البدء بمعالجة الأسباب الجذرية للصراع، وتغيير كافة الهياكل التي ساهمت في إنتاج الأزمة، والمؤسس على الاقتناع بالسلم، والالتزام المبدئي بتمكينه، واستدامته، وردم الماضي الاستبدادي الآفل، وبناء الأنساق الحضارية الجديدة، والعزم على معالجة أسباب العنف؛ لحضور دلالة الانسجام الداخلي، والحرص على حل المنازعات، وعلى كافة المستويات، والصعد، -سواء- السياسية، والدينية، والاجتماعية، وبالطرق السلمية؛ لإيجاد تماسك اجتماعي فعال، ووصولا إلى تحقيق المصلحة الوطنية الشاملة.
أن نجعل من المواطن الإنسان القيمة الأولى، والغاية النهائية، والمعيار الأهم، هو إرساء لدعائم التعايش، وترسيخ لجوانبه بين انتماءات، واتجاهات متعددة، وذلك في إطار المصالح المشتركة، والاعتماد المتبادل؛ إذ أفضل سبيل لإيجاد تفاعل إيجابي، وعلاقة مثمرة، ومميزة بين أبناء المجتمع الواحد؛ أسوة بميثاق المدينة الفريد، الذي سبق به الإسلام منظمات حقوق الإنسان -بأكثر من ألف وأربعمائة عام-، مما يدل على عالمية الإسلام، وبيان احترامه لآدمية الإنسان. كما يؤكد على سماحته، ورحمته، وعدالته، ووسطيته.