د. خيرية السقاف
في حديث واضح جاء متأخرا للشيخ صالح المغامسي كشف به حقيقة ما كان عليه حال الإفتاء
من الأخذ بالرأي الواحد في الأمور الفقهية ما شدد على المتّبع, وحصر التطبيق في نطاقات ضيقة تخص رأي من يتولاها من المفتين, ولا يقف عندها القطع الشرعي إذ هي قابلة لأكثر من رأي أفسح بها الشارع تسهيلا للناس, وتيسيرا لحياتهم, وإعمالا لعقولهم, وحثا لبحثهم, وإعمالا لفهم قلوبهم..
في حديث المغامسي ما يبين لهم إباحة التحلل من التشدد, ووجوب الأخذ بما ورد بيانا في الكتاب المنزل, والحديث الصحيح بما ليس فيه لبس من تعددية الرأي..
والكل يعلم ما للمسلم من دور في معرفة ما عليه دون القفز على ما ليس ..
إن مناهج التعليم ينبغي ألا تغفل العناية بتجذير ما أمر به, ونهى عنه الله تعالى, ورسوله الكريم عليه الصلاة والسلام, وما نهى عنه..
وإن المفتين الواعين عليهم الحضور الدائم في المشهد الثقافي العام تحديدا في هذا الوقت الذي شملت فيه حركة التجديد, والتطوير القفز على ما كان خلف أكمات التشدد, بتذويبه, ومحو كل ما يعيق المرء عن الحياة في ظل ما أمام الأكمة من الوسطية, والاعتدال, والعيش في سعتهما, وبراح سبيلهما, عليهم محْوه بماء معرفتهم, وثاقب رشدهم, وخبرتهم في علمهم..
كذلك يكون المطلوب من ذوي الرأي, و أفراد البيئة المنزلية الآباء , والمدرسية المعلمين, ووسائل الإعلام بمحتوياتها, ومضامينها, ووسائلها..
إن ما كان في بعض جوانب الشأن الديني باختلاف موضوعاته من تشدد, وتعصب مسَّ كثيرا من الحقائق, وأخذ طويلا من الزمن, وغمَّ على الناس جوانب أخرى مضيئة, ومعتدلة, يكون في ردم كل ذلك ما يعيد التوازن لهم, ويكشف لبصائرهم سبل النجاة من الجهل, ويوطد لهم مسار الحياة الرضية, بالضوابط الرئيسة الواضحة بين ما هو عليهم في دينهم, وما هو لهم في حياتهم.