«الجزيرة» - متابعة محمد المنيف:
من يشاهد أعماله وما تحمله من قدرات فاقت الكثير من نظرائه من التشكيليين في كل مكان من العالم يعتقد أنه خريج إحدى الأكاديميات العالمية في مجال الرسم والتلوين، إلا أن الحقيقة غير ذلك، فالفنان الإماراتي عبدالقادر الريس المولود في دبي عام 1951م حاصل على شهادة البكالوريوس من جامعة الإمارات عام 1982، تخصص شريعة وقانون.. امتلاكه الموهبة الفنية منذ طفولته جعله مختلفاً في الرسم عن أقرانه، زادها خبرات وتجارب لتتطور تدريجياً، حيث منحها بهدوئه المعهود الفرصة لتنضج وليضعها في طريقها الصحيح بدءًا من محيطة الإمارات بمعارضه في الفترة من الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين، أثبت خلالها تميزه المحلي الذي قاده للتميز والحضور في المعارض الخليجية، ليواصل تألقه ومنافسته غير المعلنة، فهو يتعامل بإبداعه بعيداً عن أي قضايا فنية تحدث في الأوساط التشكيلية، فكان ذلك الابتعاد والتفرغ لإبداعه طريقاً لاتخاذ قراره بالاحتراف كأول فنان محترف في تاريخ الفن التشكيلي في الإمارات.
التقيته كثيراً في مختلف المناسبات التي يكون لي فيها حظ أن أتحدث معه، خصوصاً ما يقام في دبي والشارقة، فحضوره يعد مكسباً لكل من يعرفه ويجدد علاقته به.
ورغم هدوئه المعروف وكرم أخلاقه إلا أنه لا يبخل بأي إجابة يطرحها عليه المغرمون بالفن التشكيلي وعشاق لوحاته من فنانين أو طلبة يتهافتون على اقتناص شيء من تجاربه.
تكريم مستحق في باريس لفنان مثابر
لهذا يأتي تنظيم هيئة دبي للثقافة والفنون «دبي للثقافة»، معرضاً يحمل حرف «و» في باريس في سياق مبادرتي «عام زايد» و«الحوار الثقافي الإماراتي- الفرنسي 2018»، في معهد العالم العربي في باريس الذي يستمر إلى الفترة من إلى (21 أكتوبر) المقبل كأول معرض استعادي دولي للفنان الإماراتي عبدالقادر الريّس، حيث يعد هذا المعرض أصدق تمثيل لما تحقق للفن الإماراتي من حضور عالمي معاصر، ودعماً لمبادرتي «عام زايد» و«الحوار الثقافي الإماراتي- الفرنسي 2018»، لإبراز الوجه المشرف للفنون التشكيلية الإماراتية.
معرض (و) مسيرة حافلة بالعطاء
معرض «و» يحمل مسيرة حافلة بالعطاء للفنان عبدالقادر الريس، حيث يشمل عرضاً لأكثر من 50 عملاً فنياً تعرف بمسيرته بدءًا من الستينيات القرن الماضي حتى اليوم، وذلك لتغطية فترات مختلفة في مسيرة الفنان الريس، مع ما تضمن المعرض المقام في معهد العالم العربي في باريس خلال أسبوع الافتتاح جلسات وحوارات نقاشية وورش العمل، من أبرزها ورشة عمل سيتولاها عبدالقادر الريّس يسلط الضوء فيها على المكوّنات الفنية للحياة الثقافية في دبي والمشهد الفني الحيوي المعاصر في الإمارة، كما أقام أعضاء وفد «دبي للثقافة» بعقد لقاءات مع نظرائهم الفرنسيين.
من جانب آخر، فقد عقد مؤتمر صحفي في دبي خاص بالمعرض بـ«متحف الاتحاد»، بحضور القنصل الفرنسي في دبي والإمارات الشمالية السيدة رجاء رابيا، عن سعادتها بهذه المشاركة الإماراتية الفريدة من نوعها خلال كلمتها بحضور الدكتور صلاح القاسم، مستشار هيئة دبي للثقافة والفنون «دبي للثقافة»، والفنان عبدالقادر الريّس.
وقالت رابيا: إن الجمهور الفرنسي يحمل شغفاً كبيراً بالثقافة على اختلاف أبعادها ومفهومها الواسع، من الأدب والكِتاب والفن والتراث، إلى الموسيقى والمسرح والأزياء والسينما وغيرها.
من جهة أخرى فإن علاقة الثقافة الفرنسية بالعرب تشهد توطّداً يؤكد عراقتها وعُمقها، ولكنه أكثر حماساً للتعرف إلى مكونات الثقافة الخليجية والإماراتية بكل أبعادها.
من جانبه، ألقى معالي عبدالرحمن العويس، وزير الصحة ووقاية المجتمع، رئيس مجلس الإدارة في هيئة دبي للثقافة والفنون «دبي للثقافة» في كلمة نيابةً عنه الدكتور صلاح القاسم جاء منها إن المبادرة تتماشى مع أهداف «مجلس القوة الناعمة لدولة الإمارات»، الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ويتمثل الهدف الأساسي للمعرض في إبراز تاريخ الدولة وثقافتها أمام الجمهور العالمي.
وأضاف: نفخر أن تكون «دبي للثقافة» أول جهة تُنظّم أول معرض استعادي دولي للفنان عبدالقادر الريّس من خلال إيجاد بانوراما عالمية على المسيرة الاستثنائية لواحد من الفنانين الإماراتيين البارزين، بما يتماشى مع هدفنا الاستراتيجي للترويج للمواهب المحلية ودع مها وتمكينها.
وعبر رئيس معهد العالم العربي، جاك لانغ: باتصال هاتفي مباشر في المؤتمر «يُعد عبدالقادر الريّس مستكشفاً رائعاً للأنماط والأشكال والألوان، ومع أنه لم يسبق له عرض أعماله في فرنسا، إلا أنه يحظى بشهرة واسعة ومكانة مرموقة في الإمارات، إذ يعتبر واحداً من كبار الفنانين، ومصدر إلهام للجيل الجديد وبكل فخر سيستضيف المعهد مجموعة كاملة من أعماله التي تعود إلى عقد الستينيات من القرن الماضي، بما في ذلك عدد من أعماله التجريدية والهندسية المُستوحاة من فنّ الخط العربي، فضلاً عن لوحة أبدعها خصيصاً لهذا المعرض».
وللمبدع كلمته اختصر فيها المشوار
قال الفنان عبدالقادر الريّس في المؤتمر المعد لإطلاق معرضه: «كرّست جهودي طوال حياتي المهنية لتعزيز المشهد الإبداعي للدولة، وإبراز ثقافتنا الغنية، والمشاركة في أعمالي الفنية حول العالم.
واعتبر معرض باريس المقبل علامة فارقة جديدة في هذه الرحلة.
وإنني أشعر بالفخر بشكل خاص، لأن المعرض سيعقد خلال «عام زايد»، وآمل أن يكون بمثابة فرصة للزُوّار للتعرّف إلى قيم الوحدة والتسامح والتنوع الثقافي الذي حرص عليها مؤسس دولتنا من خلال الفنون».
رحلة توجت بالتقدير
لم يكن عبدالقادر الريس بعيداً عن أجواء الفن في الإمارات بل كان مساهماً فاعلاً مع بقية زملائه ومن ذلك مشاركته في تأسيس جمعية الإمارات للفنون التشكيلية وتولى منصب نائب الرئيس في إحدى الدورات، وكثف من مشاركته في معارض الجمعية كافة خلال الأعوام 1980-1995.
ليواصل مسيرته الحافلة بالإنجازات في أكثر من 60 معرضاً فنياً شخصياً وجماعياً في خارج الدولة.
حيث كانت بدايته التحرك خارج الوطن في معرض الربيع في الكويت عام 1965.
كما وضع السيرة الذاتية: عبدالقادر الريس فنان تشكيلي إماراتي.
عضو مؤسس في «جمعية الإمارات للفنون التشكيلية»، وعضو في «مؤسسة الشارقة للفنون»، الإمارات العربية المتحدة.
شغل سابقاً منصب نائب رئيس «جمعية الإمارات للفنون التشكيلية» لمدة خمسة أعوام، كانت أولى مشاركاته في «معرض الربيع»، الأول 1974 في الكويت، عام 1965 وأقام معرضه الفني الخاص عام 1974م إضافة إلى العديد من المعارض الأخرى والمشاركات داخل الإمارات وخارجها حاز على العديد من الجوائز، ومنها: «جائزة الدولة التقديرية للعلوم والفنون والآداب» في مجال التصوير والرسم في دورتها الأولى عام 1999م، وحصل على الجائزة الأولى في معرض «الإمارات في عيون أبنائها» عام 2006م، حاصل على بكالوريوس الشريعة والقانون من «جامعة الإمارات العربية المتحدة» في عام 1982.