خالد الربيعان
غرفة واحدة يعيش فيها مع أمه، وسبعة من الأشقاء، بلا كهرباء.. هذه الظروف يمكن أن نسميها ظروف ما تحت الصفر. الصاروخ هنا ليس أمامه فرصة للانطلاق! لأنه لم يبلغ حتى سطح الأرض! بل مدفون ومغطى بالأتربة والوحل.
الصاروخ لم ينطلق في قصتنا هذه فقط.. بل وصل إلى مجرات وأفلاك لم يتصورها جميع من شاهدوه في هذه الظروف! من الصفر إلى الرياضي الأغلى أجرًا على الإطلاق. ليس هذا فقط، في الوقت الذي بلغ فيه أجر (رونالدو - ميسي - ليبرون جيمس أسطورة السلة: 259 مليون دولار معًا) في الإحصاء الأخير.. فإن بطل قصتنا تفوق عليهم مجتمعين بأجر بلغ 275 مليون دولار.. في ليلة واحدة! ما هذا؟ تابع معي.
وُلد في ميتشجين بالولايات المتحدة في فبراير 77، وتربَّى في ظروف صعبة جدًّا كما قلنا، إضافة إلى أن والده تورط في إدمان المخدرات، وعمته توفيت بسببها أيضًا. اكتشفت جدته موهبته في الملاكمة، وكانت تمنعه من لعب أي شيء غيرها. توقف عن ممارسة السلة، البيسبول، كرة القدم.. ولم يمارس أي عمل يشغله عن الملاكمة..كانت حياته.
إنه فلويد مايويز، الملاكم الأمريكي الأسطورة، الذي أبدع في استخدام التواصل الاجتماعي، وهي لغة من لغات التسويق والاستثمار الرياضي بشكل يفوق كل الأدوات الأخرى. في مباراته الأخيرة حالة تدرس في هذا. أعلن عن تحدي خصمه الأخير في تويتر وفيس بوك ويوتيوب وانستقرام والمواقع الإلكترونية. نشرت كل هذا كأخبار وتغطيات.. والنتيجة أن حصته في المباراة التي شاهدناها العام الماضي أمام مكجريجور: 275 مليون دولار.
في بداياته كان أصدقاؤه يلقبونه بالصبي الجميل؛ لأن وجهه بعد كل مباراة كان خاليًا من أي كدمات أو جروح. بالفعل، لعب فلويد في حياته 50 مباراة، ما هي إحصائياته؟ حسنًا.. لم يتعادل قط، لم يخسر قط، معظم مبارياته انتهت بالضربة القاضية!
كانت نقطة التحول في مسيرته: «التفكير باحترافية مالية»؛ إذ دفع 750 ألف دولار قيمة الشرط الجزائي لفسخ عقده مع شركة وساطة وتسويق! كانت تأخذ نسبة كبيرة من مداخيله، وسوَّق مبارياته بنفسه. كان هذا في 2006. ومنذ 2007 حتى الآن حصد نتيجة هذا القرار ثروة قدرها 1.7 مليار دولار من حقوق بث مبارياته فقط على شبكات التلفاز مدفوعة الاشتراك من قِبل أكثر من 22 مليون مشترك!
قام بعمل شركة تسويق رياضي خاصة به، هي: مايويزر بروموشنز، تقوم أرباحها على نسب مستقطعة من التسويق وتعاقدات الرعاة وأرباح البث. هذه الشركة قامت بتنظيم أكبر 4 مباريات في تاريخ رياضة الملاكمة، كان الطرف الثاني فيها والفائز أيضًا: فلويد مايويزر!
أخيرًا فلويد له راعٍ واحد فقط دائم، هو ساعات Hublot السويسرية الشهيرة، بينما يقوم بالتسويق اللحظي في كل مباراة يخوضها؛ فالأخيرة مع مكريجور: قام بعمل عقود رعاية خاصة بالروب الذي يلبسه، والشورت والقبعة! أشياء بسيطة، أليس كذلك؟ لكنها أدخلت له في هذه المباراة الواحدة 25 مليون دولار.
فائدة!
الظروف الصعبة وجدنا أنها تجمع بين الأبطال: ميسي ومرضه، رونالدو وبدايته الصعبة، فاردي والسجن، زلاتان وظروفه الحياتية الفقيرة.. إلا أن الجميع هنا مؤمن بموهبته، ولم يكتفِ فقط بها، بل لا بد من المراقبة القوية للسوق الرياضي وظروفه، وكيفية تغيير ظروفهم الحياتية بقرارات مهمة، مثل تأسيس العلامات التجارية الخاصة بكل منهم، وشركات الوكالة والوساطة والتسويق.. من منطلق مبدأ أبي التسويق الرياضي فيليب كوتلر: التسويق.. هو كل شيء!