ماجدة السويِّح
ربما حظيت عزيزي القارئ مؤخرا برسائل تحذيرية أو تنبيهات من الفيسبوك بعد آخر عملية اختراق لبيانات المستخدمين، تفيدك بالمخاطر والخطوات الواجب اتخاذها بعد سرقة بيانات المستخدمين، وربما لاحظت كثرة وتكرار الرسائل والتنبيهات التي تصلك من بعض التطبيقات والمتاجر الكبرى، وتطلب منك القيام ببعض الاحترازات أو التصحيحات بعد سرقة بياناتك من قبل الهاكرز الذي لا يبقى ولا يذر، في استغلال البيانات وبيعها لشركات الإعلان والتسويق في أحسن الأحوال، أو استغلال حسابك البنكي، وسرقة مبلغ محترم من قبل هاكرز تشير بياناتهم أنهم يعيشون خارج دائرة إقامتك في بلدان تعاني من الفقر والتخلف، وربما في بلدان متضخمة بالثروات.
الحوادث المرتبطة بسرقة البيانات وانتهاك الخصوصية باتت قضايا مؤرقة على الرغم من مضي تسعة وعشرين عاما على ظهور شبكة الانترنت، وتضاعف عدد المستخدمين، فقد سجلت للمرة الأولى هذا العام 2018 تمكن أكثر من نصف سكان الأرض من الدخول إلى الإنترنت والتفاعل مع العالم، ومع ذلك ما زالت طرق حماية حسابات المستخدم وبياناته ضعيفة، ولا ترقى للنمو والازدهار الكبير لشبكة الانترنت.
لم يمض وقت طويل منذ ذيوع فضيحة شركة الفيسبوك بعد بيعه لقوائم المستخدمين لشركة استغلتها للتأثير على الانتخابات الأمريكية، حتى يفاجأ الناس هذه المرة بعملية اختراق كبيرة لبيانات أكثر من 50 مليون مستخدم للفيسبوك.
الإخفاق المتواصل للفيسبوك وغيره من الشبكات الاجتماعية في حماية المستخدم من خلال المحافظة على بياناته، دفع تيم بيرنرز لي مؤسس شبكة الإنترنت للبحث عن حل لمشكلة الاختراق والتلاعب ببيانات المستخدمين وسرقتها، فقد قام وفريقه في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بتطوير منصة تمنح كل مستخدم التحكم الكامل ببياناته اسمها «سوليد»
Social Linked Data «Solid»، وقد كشف عن أول شركة ناشئة للاستفادة من تلك المنصة أطلق عليها اسم Inrupt.
أهمية هذا المشروع يكمن باستعادة الخصوصية والأمان خلال تصفحنا للإنترنت، تسوقنا أو تفاعلنا مع الجمهور في شبكات التواصل الاجتماعي، واستعادة السلطة من عمالقة الإنترنت ممن يملكون أكبر قدر من البيانات، فعمالقة الإنترنت مثل جوجل والفيسبوك هم بالأحرى أول المستفيدين من بياناتنا واستثمارها لمصالحهم التجارية، وربما الاستخباراتية لصالح دول أو مجموعات.
ربما حان الوقت لنتمهل ونحجّم عن مشاركة بياناتنا عبر الإنترنت حتى يحقق مخترع شبكة الإنترنت مشروعه بإنشاء شبكة إنترنت آمنة، تمكن مستخدميها بالتحكم الكامل بالبيانات.
فهل سنشهد اللحظة الحاسمة والتاريخية في تحكم كل مستخدم ببياناته بطريقة آمنة وسرية بعيدا عن أعين الشركات وتطفل المتطفلين؟! ربما قريبا ينجح بيرنيرز لي وينهي عقودا من طغيان قصص الاختراق، والتحكم بحسابات وبيانات المستخدمين على شبكة الإنترنت.