فهد بن جليد
لو قمنا بدراسة أو مسح شامل أعتقد أنَّنا سنتفاجأ بالنسبة المُرتفعة في مجتمعنا لمن يتناولون هواتفهم فور استيقاظهم من النوم مباشرة, وقبل أن ينهضوا من فراشهم, هذا الهوس التقني أفقدنا حتى تبادل عبارات الصباح الجميلة مع أفراد عائلاتنا ومن يعيشون معنا, لصالح الركض خلف رسائل الواتس, ومقاطع السناب, وصور الأنستقرام, وتغريدات تويتر, وكأنَّ حياتنا تقنية ننام ونغفو ونصحو فيها على هذه الوسائل. مؤخراً تخلصتُ من هذه العادة السيئة والفضل -بعد الله- يعود لجهود (ثُلة) جميلة ورائعة من الأصدقاء والمُحبين الذين رزقني الله بهم في حياتي.
فكلما استيقظت صباحاً وجدت أحد هؤلاء وقد أرسل لي صورة (وجهه) مُكبرة (سيلفي), مُعتقداً أنَّه من علامات الصباح المُشرقة التي تعبّر عن صفاء الدنيا ونقائها, حينها -الكلام بيني وبينكم- أنفث عن شمالي ثلاثاً مُستعيذاً بالله من الشيطان الرجيم, وسائلاً إياه حسن الخُلق والخليقة, ولا أعرف من كذب على أمثال هؤلاء (الصعاليك), وأخبرهم أنَّ الصباح لا يحلو إلا بملامحهم التي تتغنى بها فيروز, والتنغيص على الآخرين بصور سيلفي (تقطع الرزق) والعياذ بالله, لذا قرَّرت عدم فتح أي صورة أو مقطع أو رسالة إلا بعد الاستمتاع بالصباح الجميل, والتفاؤل بيوم مليء بالمُبشِّرات, وتناول الإفطار, وبعدها أمسك بهاتفي وأنا مُستعد نفسياً وذهنياً وجسدياً لتخطي كل العقبات المُقبلة والصور المؤذية, ممَّا خلفته (عملية) تعاقب الليل والنهار اليومية وآثارها.
بعض المجتمعات الغربية شرعت في تعليم أطفالها الطريقة الصحيحة لكيفية التقاط صورة (سيلفي) آمنة وصحيحة وفنية أيضاً, بسبب أنَّ العالم سجل حوادث أدت لوفاة أكثر من 259 شخصاً أثناء مُحاولتهم التقاط صورة (سيلفي), ولا معلومات حتى الآن عن عدد ضحايا (فتح) واستقبال هذه الصور والمقاطع, التي تمتد من استعمال الهاتف أثناء قيادة السيارة, لتصل لآثار جديدة حتى وأنت مُتمدِّد (برعاية الله) على الفراش في غرفة نومك!
وعلى دروب الخير نلتقي.