عبدالعزيز السماري
كتبت منذ عدة سنوات عن انتشار الكآبة في مدينة الرياض، وعن الازدحام والتلوث البيئي، وأن سكانها يحتاجون إلى تغيير ثقافي اجتماعي من أجل طرد هذه المشاعر، والحد من مظاهر القمع والعوائق الاجتماعية بمختلف صورها، وذلك من أجل منح العاصمة نسمات من الحرية النسبية، وأجواء من السعادة، ومن باب الإنصاف لهذه المدينة العزيزة فقد اختلف الحال خلال السنوات الماضية، فقد انتقلت من حال إلى حال في سنوات قليلة، وبدأت الكآبة في مرحلة الانحسار، وربما تزول باكتمال مشاعر النقل الجبارة..
لقد انخفضت كثيراً درجات الغضب والاحتقان والقمع الاجتماعي، وعادت البسمة إلى شوارع وحدائق مقاهي المدينة، وأصبح الإنسان يستطيع أن يستمتع بأجواء الرياض بدون توتر أو قلق أو شعور أنه مراقب، وساهمت مشاريع توطين السعوديين في أماكن العمل في منح المدينة هويتها الوطنية بعدما كان المواطن السعودي في أزمان مضت أقرب للسائح في موطنه.
ما تحقق في زمن قصير استثنائي، ويستحق الإشادة، ويعني أن القافلة تسير في اتجاه التطوير لتكون المدينة عصرية، وتنافس عواصم العالم المتقدمة في خدماتها وأجوائها الممتعة، ويتطلب ذلك أيضا بذل الجهد من المواطنين من أجل الحفاظ على البيئة، والمساهمة في مسيرة التنمية والتطوير.
لازلت أعتقد أن ثمة ملفات في التنظيم البلدي يجب فتحها، ويأتي في مقدمتها الضواحي والاهتمام بها من أجل أن تكون صالحة للسكن والعيش خارج أجواء المدينة، ويتحقق ذلك بإلحاقها ببرامج التطوير كما يجري الآن من مشاريع عملاقة في الدرعية، ومن العوائق الحالية هو عدم مسؤولية البلديات عن المخططات الزراعية في الضواحي، وإلقاء مهمة توصيل الخدمات على وزارة الزراعة والمياه والبيئة.
وبرغم من إضافة مسميات البيئة والمياه إلى اسم الوزارة إلا أن هذه الرسالة لم تصل بعد إلى فروع المكاتب الزراعية، ولازالت تعمل وفق العقل الإداري القديم، ولم تستفد الضواحي الزراعية من خدمات البيئة، أو توصيل مشاريع المياه إلى المخططات الزراعية برغم من أنها أصبحت مأهولة بالسكان وداخل النطاق العمراني.
كذلك تحتاج المدينة إلى سياسة بيئية واضحة، وتحد من توسع المدينة الصناعية، فالأجواء الصحراوية لا تتحمل زيادة درجات التلوث البيئي في مدينة مزدحمة بالسكان، والسبب الرئيسي عدم تواصل الجهات المسؤولة بعضها ببعض، وأعني بذلك وزارات البيئة والزراعة وزارة الصناعة والتجارة ووزارة البلديات، وذلك من أجل وضع إجراءات متفق عليها لإيصال الخدمات، وإعداد أنظمة من أجل الحد من الاتساع في مشاريع المناطق الصناعية.
ختاماً تستحق مدينة الرياض أن تكون الآن مدينة للفرح والسرر، فقد تلاشت مشاعر الكآبة من شوارعها، وأصبحت تنتظر مزيدا من التطوير والتنظيم لتكون مثالاً للمدن الكبرى عند تقييم مستويات المعيشة في المدن العالمية.