تلبية لدعوة رسمية من الأمين العام لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول، عباس على النقي، شارك وفد صندوق أوبك للتَّنمية الدَّولية (أوفيد) برئاسة المدير العام، سليمان جاسر الحربش، في مؤتمر الطاقة العربي الحادي عشر الذي انطلقت فعالياته من مدينة مراكش بالمملكة المغربية خلال الفترة ما بين 1 إلى 4 من شهر أكتوبر- تشرين الأول الجاري، تحت شعار «الطاقة والتعاون العربي».
وقد شارك في المؤتمر، الذي ترأسه عزيز رباح، وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة بالمملكة المغربية، حشد من خبراء صناعة الطاقة وعلى رأسهم وزراء البترول والطاقة والكهرباء في الدول العربية ومديرو المنظمات العربية والإقليمية الدولية، كمنظمة الدول المصدرة للبترول، ووكالة الطاقة الدولية، ومنتدى الطاقة الدولي، ومجلس الطاقة العالمي، ومعهد أوكسفورد لدراسات الطاقة، فضلاً عن منظمات التنمية الدولية، ومن بينها أوفيد ونخبة من المتخصصين من مراكز الأبحاث العربية والأجنبية ورجال الأعمال والإعلام والصحافة العربية والدولية.
ويبحث هذا المؤتمر الذي ينعقد مرة كل أربع سنوات وينظم بشراكة بين منظمة الدول العربية المصدرة للبترول، وجامعة الدول العربية، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، والمنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين، أوضاع الطاقة والتطورات الراهنة في أسواق البترول والغاز الطبيعي وإيجاد إطار مؤسسي للأفكار والتصورات العربية حول قضايا الطاقة لبلورة رؤى متوائمة بشأنها، وتنسيق العلاقات بين المؤسسات العربية العاملة في الأنشطة المرتبطة بالطاقة والتنمية.
وقد تضمن برنامج المؤتمر ثلاث جلسات وزارية حول استشراف مستقبل الطاقة عربياً وعالمياً؛ وأمن الطاقة كشراكة عالمية؛ ومتطلبات الاستثمار في قطاع الطاقة في الدول العربية، فضلاً عن خمس جلسات فنية تم خلالها استعراض ست عشرة ورقة فنية.
وفي كلمته خلال الجلسة الوزارية الثانية التي عقدت تحت عنوان «أمن الطاقة كشراكة عالمية»، أشاد الحربش بجهود أوفيد كمؤسسة تمويل إنمائي دولية تساهم فيها سبع دول عربية وهي، الجزائر والعراق والكويت وليبيا وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ويمتد نشاطها إلى دول العام قاطبة».
وأشار الحربش إلى أن «العالم العربي قد استأثر بخُمس التـزامات أوفيد منذ تأسيسه عام 1976، أي بما يزيد على أربعة بلايين دولار، نالت الدول العربية الأشد احتياجاً النصيب الأكبر منها، وتلبي مشاريعنا احتياجات الحياة الرئيسية مثل الغذاء، والطاقة، والمياه والصرف الصحي، والتعليم، والرعاية الصحية، بالإضافة إلى تعزيز الإنتاجية والقدرة التنافسية والتجارة،» منوهاً بأن أوفيد قد أولى اهتماماً خاصاً بقضية الطاقة منذ عام 2007، التي وصفها «بمحرك النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي»، فضلاً عن استراتيجيته للعقد ما بين 2016-2025 التي ترتكز على النهج الترابطي لأمن الطاقة والماء والغذاء، والذي وصفه مدير عام أوفيد بعتبة التقدم إلى مستقبل مستدام للبشرية وينعكس بشكل مباشر على عمليات أوفيد في مختلف نوافذه التمويلية».
وأعرب الحربش عن أسفه لوجود نقص في تأمين خدمات الطاقة في المنطقة العربية على الرغم من الجهود المكثفة التي بذلتها الدول في توفير الطاقة الكهربائية وتوزيعها إذ لا يزال أكثر من ستة وثلاثين مليون عربي يعانون من النقص في إمدادات الكهرباء أو انعدامه، لاسيما في المناطق الريفية.
وأكد أن «الأولوية التي منحها أوفيد للقضاء على الفقر في مجال الطاقة في الدول النامية قد جاءت بوحي من دولنا الأعضاء، إذ جعل إعلان الرياض، الذي صدر في ختام قمة أوبك الثالثة عام 2007، من القضاء على الفقر في مجال الطاقة من غاياته الرئيسة، وأقر مجلس وزرائنا تخصيص مبلغ متجدد قدره بليون دولار لهذه الغاية».
وقال الحربش: «لقد نافحنا بلا هوادة عن إيلاء قضية الفقر في مجال الطاقة الأهمية التي تستحقها في برنامج التنمية لما بعد عام 2015 بعد أن تم إغفالها في الأهداف الإنمائية للألفية»، مشيداً بأن تُوجت جهود أوفيد ومساعي الشركاء على الساحة الدولية بإنجاز جدير بالثناء إذ أُقر تحقيق وصول الطاقة للجميع بوصفه الهدف السابع لأهداف التنمية المستدامة حتى 2030.
وسلط الحربش الضوء على خطة أوفيد الاستراتيجية من أجل القضاء على الفقر في مجال الطاقة، والتي تعتمد على ثلاث ركائز أساسية، وهي: الدعوة من أجل حشد التأييد العالمي للقضاء على الفقر في مجال الطاقة؛ اتخاذ الطاقة كمحور لأنشطة أوفيد على أرض الواقع؛ وبناء التحالفات مع الكيانات كافة من أصحاب المصلحة بما في ذلك منتدى الطاقة الدولي وصناعة الطاقة.
واستعرض الحربش مختلف أنشطة وعمليات أوفيد في قطاع الطاقة خلال العقد الماضي والتي استأثرت الدول العربية بنحو 45 في المائة منها، وهو ما يعادل أكثر من 1,6 بليون دولار لتمويل 14 مشروعاً للطاقة التقليدية، فضلاً عن 15 مشروعاً للطاقة المتجددة في عدد من الدول العربية، من بينها مصر، والسودان، والأردن، واليمن، وتونس، والمغرب، وفلسطين، مستشهداً ببعض الأمثلة.
وأعرب الحربش عن فخره بجهود أوفيد الذي تطور منذ تأسيسه قبل أربعة عقود من مجرد مؤسسة إقراضية ذات دور محدود إلى مؤسسة دولية رائدة على ساحة التمويل الإنمائي تحظى بقدر كبير من الحضور والتأثير الدولي، بيد أن فقر الطاقة ما زال يمثل تحدياً لا يمكن التغلب عليه إلا من خلال الشراكات الاستراتيجية، وهي الركيزة الثالثة لنهج أوفيد.
وختاماً، أكد الحربش مجدداً على التزام أوفيد الكامل بدعم خطط التنمية المستدامة في الدول العربية وفي مقدمتها مشاريع الطاقة.
وأعرب عن استعداد أوفيد لتكثيف العمل في المنطقة العربية الشريكة ومع المستثمرين لتمويل المشاريع في شتى المجالات الاقتصادية بغية دعم التكامل الاقتصادي لاسيما في مجال الطاقة.
من الجدير بالذكر أن هذا المؤتمر يهدف إلى ربط سياسات الطاقة بقضايا التنمية، ودراسة الاحتياجات العربية من الطاقة حاضراً ومستقبلاً ووسائل تلبيتها، وكذا التعرف على الإمكانات العربية المتوافرة والجهود المبذولة لتطوير مصادر الطاقة، والتنسيق بين هذه الجهود، إلى جانب التعرف على الأبعاد الدولية للطاقة وآثارها على الدول العربية.