د.فوزية أبو خالد
من الطبيعي ونحن نعيش لحظة تاريخية جديدة عما سبقها في تاريخ الدولة السعودية بما حدا بالبعض لتسميتها بنقطة انطلاق لدولة سعودية رابعة، أن تكون هناك بعض الاهتمامات الملحة التي تشغلنا دولة ومجتمع.
فالمملكة تواجه تحديات التغيير الداخلية بما تتطلبه من جهد مواجهة سلطة المعلوم والمعتاد نحو حلم التجديد وإعادة تأهيل علاقة الدولة بالمجتمع من علاقة رعوية اعتمادية لعلاقة مسؤولية وشراكات.
والمملكة تواجه تحديات خارجية على جبهات ملتهبة عربياً وإقليمياً وعالمياً من الحرب على الخاصرة الجنوبية ومحاولة هزيمتها بما يقفل باب التدخل الإيراني وينهي مأساة الشعب اليمني الكارثية باحتلال الحوثيين لليمن وانقلابهم على السلطة الشرعية في البلاد، ومحاولة خلق توازنات عاقلة مع قوى المنطقة من تركيا لإيران الفاقدة لزمام العقل.
من أهم مسؤوليتنا الجسيمة كمواطنين وكتاب رأي إزاء ما نشهده من محاولة شبابية قيادية جادة في محاولة الدفع بتحول وطني يشكل نقلة نوعية في تاريخ المملكة العربية السعودية، وهذا يعني ألا نقف موقف المتفرج تجاه هذه التحولات فإن نجحت أيدناها وإن تعثرت نفضنا أيدينا منها، ولا نقف موقف المستكفي بالاستفادة منها دون تحمل تبعاتها ولا موقف المبالغ في التفاؤل بها أو التوجس منها دون تقييم موضوعي. ومن أبسط الأمثلة في التعامل الطفولي غير المقدر لمعنى التحولات وسقوفها المنشودة ذلك النزق المراهق الذي يتناول به البعض قيام حفلة موسيقية أو فتح دار عروض سينمائية.
وفي هذا السياق أجد أن حب الوطن في الحلوة والمرة يدعونا جميعاً لأن نقف مع الذات السياسية والاجتماعية وقفة مسؤولة في الفكر والسلوك معاً. فلا نتعامل بخفة مع تحولات يعقد عليها الأمل في النهوض الجذري بمسيرة وطن علمياً وأدبياً وميدانياً في الثقافة والاقتصاد وغيرها.
وبهدف التقابل التكاملي بين التحولات وبين الأساسيات نجد أنه بقدر ما نحن بحاجة لخاتمة نبيلة مع تواريخ سابقة ورموزها ممن تدارك واعتدل في خطابه بما يسمح بتجاوز ما مضى من جمود ومواجع دون استجراح، فإننا بحاجة لفتح صفحة جديدة بأسلوب جديد لنكتب عليها مستجدات التحول ومستحقاته لهذه المرحلة من تاريخنا الاجتماعي والثقافي والمراحل المستقبلية اللاحقة على أساس من تعزيز ثوابت الاستقرار والعدل والوحدة الوطنية كما يقودنا إليه الملك وولي عهده.
وأختم هذا المقال بكلمتين. كلمة تواقة أصدق فيها القيادة. وكلمة قلقة أصدق فيها منابر الإعلام وأصحاب الأقلام.
الكلمة التواقة
الكلمة التواقة تتلخص في التطلع لأن تكون الصفحة الجديدة التي تفتحها القيادة الشابة لكتابة مستقبل حيوي للوطن صفحة ناصعة شاسعة، تتسع لمشاركة كل الأطياف من بنات وأبناء الوطن، لتشارك من مواقع مهمة في هذه التحولات، خصوصاً الشباب والشابات ممن لا يكون بحكم عمرهم قد سبق لهم الخوض في أي من سجالات الشد والجذب بين تيار التشدد وبين المجتمع.
فهذا بنظري جزء لا يتجزأ من استراتيجية التحول الوطني بكامل طاقة توافق القوى الاجتماعية في تلاحم العلاقة بين الدولة والمجتمع.
الكلمة القلقة
تتوجه لضمائر كل الناطقين بكلمة أو صورة عبر أي وسيلة من وسائل الإعلام والاتصال، سواء كانوا كتاباً أو سواهم من المواطنين. فليس من مكارم الأخلاق أن تتحول الحرية التي طالما شاكتنا أشواقها وقد أتيحت لنا من الملك وولي العهد على أيدي البعض منا عبر منصات التواصل الاجتماعي كتويتر وسواه إلى حربة نحارب بها بعضنا البعض.
وأخيراً وليس آخراً إن من استحقاقات التحولات ألا نشتتها بتشظية القوى الاجتماعية بل بمقاومة أي فرقات يمكن رأبها على هدى الاستقرار والعدل والوحدة الوطنية التي قامت عليها المملكة منذ تأسيس الملك عبد العزيز لها.