د.ثريا العريض
واضح أن إيران تخطط وتدبر لإذابة الهوية العربية في الجوار واستبدالها بهوية طائفية مذهبية تتيح لها فرد عضلاتها للهيمنة, ولا تني تشعل النيران أينما تدس نفوذها. وهي الآن تتذمر وتزمجر في مواجهة الرفض العالمي للطموحات التمددية التي لا يتقبلها ويسقط في أحابيلها إلا الجهلة.
وبماذا نبدأ لنثبت الاستقرار والأمن المستدام في الخليج ككل؟ هناك مستلزمات أمنية مشتركة للقضاء على تهديدات عدم الاستقرار تتطلب في كل دولة إجراءات أمنية احترازية وقائية: منها استمرار التصدي للخلايا الإرهابية, ومنع وتجريم كل الممارسات العامة والخاصة التي تدعو للإقصائية والتفرقة الفئوية, أو تدعمها بصورة مباشرة أو غير مباشرة مادياً أو معنوياً.
أوضاع الجوار الخليجي الحالية تتطلب إعادة ترتيب الأولويات لاستدامة ترسيخ الاستقرار مستقبلياً.. فمثلاً بينما تستمر الإجراءات الردعية لمواجهة تداعيات الصراع بين الحكومة اليمنية الشرعية والحوثيين, وتستمر الحاجة لحشد تحالف دولي للردع, ومنع الاعتداءات بالصواريخ الإيرانية الصنع عبر الحدود على المدن السعودية. إلا أننا ونحن نقترب من نهاية الصراع الدامي يتوجب التأهب لحقبة التأهيل وإعادة البناء.
مكابرة قطر وتأزم علاقات دول مجلس التعاون الخليجي ما زال مستمراً, وقرار السعودية والإمارات والبحرين مقاطعة قطر ما زال سارياً لعدم تنفيذها وعودها الأسبق بالتوقف عن التدخل في شئون جاراتها ودعمها واحتضانها الإرهاب مادياً وإعلامياً. قطر حتى الآن خارج إطار الوفاق العام ملتجئة لمساندة إيران وتركيا لوجستياً وكلاهما في أزمة سياسية اقتصادية. مأزق لا يمكن أن يستمر ولابد من حل. وآمل أن نراها تترك دعم الإرهاب ليتقبلوها.
أما نحن فمنشغلون بالبناء عبر تغير السياسة الاقتصادية استعداداً لعصر ما بعد النفط, واعتماد إستراتيجية جديدة تنهي الأوضاع التي لم تعد تثمر, وتستحث قيام المواطن والقطاع الخاص بدور المشاركة الفاعلة. توطيد أسس التحول ليس سهلاً.. ولكنه ما يجب أن يكون.. وسيكون أساس مجتمع مستدام العطاء.
في المقابل عبثية ما يحدث في الجوار تتجلى في تصاعد العنف في الشوارع الإيرانية من الهتافات إلى التفجيرات رافضين السياسة الرسمية وإهدار المال على دعم الثورات في الجوار بالمال والتدريب ورجال الحرس الثوري بينما يجوع الإيرانيون. ورغم أن أحداث إيران مسألة داخلية خاصة بها, إلا أن تداعياتها سواء بإسقاط النظام وسياسة الملالي في تصدير الثورة, أو بفشل إن استطاع النظام قمع المتظاهرين, ستؤثر على مستقبل استقرار الجوار، إذ ترتبط المطالبات بإيقاف الدعم للحشد الشعبي في العراق ولنظام بشار في سوريا, ولحزب الله في لبنان ولحماس في غزة, وللحوثيين في اليمن. وفي كل هذه المواقع يتصاعد أيضاً رفض التدخل الإيراني. بينما تمتد يد السعودية بالعون واحتضان مشروعات البناء لتمكين حكومات ومواطني دول الجوار من التخلص من سموم التمدد الإيراني.
سأعود لمواصلة الموضوع في حوارنا القادم،،،