عبده الأسمري
أسئلة كثيرة تعتمر ذهني وتغمر وجداني وأنا أرتب المثيرات والاستجابات وأقرأ تفاصيل متعددة لعناوين متعددة.. حاصرتني بعضها فظللت أسترق الوقت لأملأها بالإجابات المؤكدة عندما دخلت حيز علمي وعندما غادرته إلى مجال التنبؤ أدخلتها في مساحة التفاؤل وعندما استعصت علي الإجابات نقلتها إلى جانب الدعوات..
رأيت العديد من الجهات تدعم الوطن وتملأ أركانها بالأعلام والرايات والموشحات وسررت كثيرا.. ولكني تمنيت أن تستقر الوطنية طوال العام في وجدان أصحاب تلك المنشآت حتى يساندوا الدولة في التوظيف ويدعموها في مد يد الإعانة للجمعيات الخيرية ويخصصوا أياما للفقراء والمساكين ويتبرعوا بجزء من أموالهم للسائل والمحروم ممن انقطعت بهم السبل في «غيابت» الحرمان وغياهب الظروف ودعوت ربي دعاء خفيا أن يستلهم أصحاب المطاعم والمولات حاجة الأسر في مدنهم إلى وجبات ومواد غذائية تحت «مسؤولية المواطنة» وفي ظل «وجوب الزكاة» حتى يعم الخير ونرى التاجر والغني وطنيا في يوم الوطن ومواطنا يستشعر بآلام الآخرين في أيام العام. رأيت المسؤولين بمختلف أسمائهم ومهامهم وهم يوكلون لمكاتب العلاقات والإعلام في إداراتهم بنشر كلماتهم عن الوطن وهي عادة سنوية وأمر واجب تحتمه الوطنية وشاهدنا كيف امتلأت جنبات الطرق باللافتات والإعلانات وتساءلت وتمنيت وتعشمت أن يملأ المسؤولون إداراتهم بمشاعر المواطنة وأن يعينوا طالب الخدمة وأن يعلموا أن «الأمانة» و»النزاهة» و»الإنسانية» هي أدوات المواطنة الحقة وهي ما يتمناه ويوصي عليه «ولي الأمر» حفظه الله وأن تكون المشاعر «شعورا مهنيا» يسير بالوطن إلى التقدم وأن يرى المسؤول أن الوطنية الحقة في إتمام العمل وإنجاز المهمة فيما يوكل إليه وأن يحارب الفساد وأن يساهم مع الدولة في تحقيق المواطنة عبر مقومات العمل الصحيح وأن يحول إدارته إلى «مدرسة وطنية» من المسؤولية والتنمية.
شاهدت ملامح الفرحة وملاحم السرور التي كانت ملهمة ورائعة وعميقة تعكس حب هذا الوطن الكبير وتساءلت أيضا أين الإدارات والمواطنين الذين لا يرفعون العلم الوطني إلا في يوم الوطن.. نحتاج أن تزين راية التوحيد كل المواقع وأن ترفع الإدارات أعلامها التي لا يخضع بعضها للصيانة إلا في يوم الوطن. وتساءلت عن الجهات الحكومية والمدارس والأسر التي يجب أن توظف حب الوطن كمفهوم شامل مستديم يعزز الفرح ويرفع الدافعية وأن تكون أيامنا كلها «وطنية» وساعاتنا جميعها «مواطنة».
اعتمر في ذهني سؤال عن الخارجين عن المألوف في الاحتفال.. وتساءلت هل الفرحة بحاجة إلى «سلوكيات مؤذية» أو «لفت الانتباه» أو «جلب الأنظار».. الفرح بالوطن ينبع من القلب وليس من مظاهر مؤقتة.. وتداخلت مع سؤالي أمنيات أن يعي المحتفلون بحب الوطن الحقيقي وأن يحافظوا على مقدراته من خلال النظافة العامة في الميادين وعدم الكتابة على المواقع والساحات.. فالوطن أمانة وحبه مسؤولية وتنميته واجبة. رأيت لافتات وموشحات في المولات وتساءلت لماذا لا تكون هنالك فقرات ثابتة عن حب الوطن في كل الأيام العالمية للجهات الحكومية حتى يكون الوطن وتاريخه جزءا من منظومة الاحتفالات عامة حتى نربط النشء بالوطنية منذ الصغر ولنثقف الأجيال بطرق علمية عن المواطنة الصادقة وليس مجرد «احتفال مؤقت» بل يجب أن تكون «تظاهرة دائمة». تساءلت وأنا أرى هذا الحب العميق للوطن الكبير في مناسبة «اليوم الوطني» لماذا لا يكون لدينا في المدارس والجامعات وحتى المنازل «تربية وطنية نفسية» تربط كل الشرائح بحب الوطن من خلال السلوك والتعامل والدفاع عن الوطن كلا في مكانه وأن يتم تنمية جوانب عدة على مدار العام من خلال الثقافة الوطنية والنفسية والاجتماعية لمكافحة الشائعات ومنعها بكل الوسائل وكذلك التركيز على ثقافة وطنية تنمي الأمن الفكري وترفع المنطق النفسي حيال صناعة مواطنة تعي بالأدوار الواجبة وتلتزم بالحقوق المفروضة في كل مكان وصولا إلى الصلاح الوطني والنجاح الشعبي في ربط حب الوطن بالحياة وترابط تاريخ موطننا الكبير مع ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا حتى نغرس المواطنة في عمق الوجدان وأفق الإنسان وأعماق الشعور وآفاق المشاعر.