عبد الله باخشوين
** (ملحمة التحولات)؟!
هكذا يحلو للفن والإبداع أن يطلق على المرحلة التي نمر بها..؟!
زمان عندما تحركت داخل أحدهم مشاعر جياشة لايعرف كيف يعبر عنها.. قال:
- أنا (شاعر) لم يكتب أية (قصيدة)..!!
وباستغراق حالم رد عليه نديمه:
- وأنا (رسام) لم يرسم في حياته (لوحة)..!!
أما ذاك الذي وقف أمام شلالات (نياقرا) مكان (شاعراً) فاضت مشاعره من هول جمال المشهد، وتحرك فيه (الشعر) حتى صار أكبر من (القصيد) وتأوه ليبوح بما فيه.. فسمع نفسه يقول:
- نياقرا.. نياقرا.. نياقرا..!!
انصرف عن المشهد بعد أن أدرك أنه قال عن نياقرا أجمل قصيدة يمكن أن يقولها (شاعر).
غير أن (القاص) أحضر الورق والقلم.. وتلفت فيما حوله وفيه بحثا عن (النص) الذي سيكتبه.. وبعد:
أن رأى ما رأى وجد نفسه يكتب:
- هذه (ملحمة) يجب أن نعيشها أولاً
عند هذا الحد تدخلت محاولا فهم المشاعر التي تحركها (ملحمة التحولات) في نفوسنا..ويا لدهشتي مما رأيت.
فى تشكيلات بين الذكرى (88) وبين بداية رحلة الإنجاز الذي تقول به (ملحمة التحولات) دار بي الزمن دورته.. أعادني للوراء وإلى مكان آخر لا يشبه ما نحن فيه ولا يقول مانريد أن نقول.. وجدت نفسي فى عام آخر وعمر آخر ربما يكون (66) وأنا فى نحو الرابعة عشرة من عمري أتسكع فى شوارع الطائف أو أقف علي (ضفة الركيب) أشاهد لاعبي نادي (ثقيف) وفي داخلي تجوس مشاعر غامضة ليست لشاعر ولا أديب مجرد فتى حاصره صلاح جاهين بموسيقى كمال الطويل وصوت عبدالحليم حافظ.. وكل ما فى وجداني يردد:
- صورة.. صورة.. صورة
كلنا كدا عايزين صورة
صورة للشعب الفرحان
تحت الراية المنصورة
يا زمن صورنا يازمان
واللي حيهرب ملميدان
عمره ماحيبان في الصورة
كان الكلام يحمل الأحاسيس والمشاعر.. وغم مضي الزمن واختلاف المكان والظروف وكل شىء.. كل شيء.. غير أن قدرنا يقودنا لأن نؤسس حلمنا الخاص ونضع لبنات ملحمة تحولات مازال الفن والإبداع يحاول أن يغازلها ويحاورها عله يرى صورة كاملة لها يمكن تأطيرها مشاهدتها وفهمها للتعبير عنها..
إنها اللحظة الصعبة والقاسية التي يعجز الفن والإبداع عن التعبير عنها بطريقة جمالية تليق بها وتصل الى المستوى الإبداعي الإنساني بهويته الراقية وجمالياته الفذة.. وهذه هي العملية الصعبة في مرحلة التأسيس التي نمر بهابعقل مفتوح ورؤى محلقة تريد أن تلامس كل ضفاف العالم لتقدم خصوصيتها وعوالمها وملامحها الخاصة القادرة على نقش بصمتها الخاصة التي تحمل هويتها وروحها التي لا شبيه لها ولامثيل.