د. محمد عبدالله العوين
هل سمع أحد منكم أو قرأ عن «جامعة الدول العربية» في هذه السنوات الأخيرة التي أعقبت ما سمي زورا بـ»الربيع العربي»؟!
وهل مرت المنطقة العربية بحالة من الفوضى والاضطراب والتدخلات الخارجية من دول إقليمية وغيرها من دول كبرى في شؤون بعض دول العرب أكثر مما تعانيه الآن؟!
هل تناست جامعة الدول العربية دورها الذي أنشئت من أجله؟!
إنها حالة غياب تام وصمت مطبق؛ حتى أوشك المتابع للأحداث السياسية أن ينسى اسم أمين الجامعة !
في ظروف صعبة تعيشها سوريا وليبيا واليمن والعراق ألا يخطر في البال اجتراح أي مسعى يمكن أن يطفئ الحرائق أو يخفف المعاناة أو يقرب وجهات نظر أو يكشف انحرافا في الرؤية لدى فريق أو طائفة أو جماعة؟!
أين موقف الجامعة من اليمن - على سبيل المثال - الذي يريد المعممون الفرس اختطافه أو بعبارة أدق احتلاله وتدنيس تربته العربية بعملاء طائفيين عملت على خداعهم وتطميعهم بالوصول إلى السلطة والتحكم بمصير اليمن وشعبه، وهم «الحوثة» لتصل إيران الفارسية من خلالهم إلى السيطرة الكاملة على اليمن والعبور إلى دول عربية أخرى.
هذه قضية واضحة وضوح الشمس وقد أكدت الدول العربية جميعها على رفض التدخل الإيراني وشجب اختطاف الانقلابيين السلطة من الحكومة الشرعية، وإنكار جرائمهم في الشعب اليمني واعتدائهم على السعودية بتوجيه الصورايخ بعيدة المدى إلى أراضيها.
غابت مساعي الجامعة لإفشال الانقلاب ومعالجة آثاره والتأكيد على مطالبة إيران بعدم التدخل في شؤون اليمن ووقف مد عملائها بالأسلحة والمقاتلين المرتزقة.
وهو الشأن نفسه في ليبيا؛ حيث غاب دور الجامعة الذي كان من المأمول أن يكون حاضرا في لملمة شتات الفرقة في الرأي وتأييد جمع كلمة الشعب الليبي ورفض التدخلات الخارجية التي تسعى إلى استمرار حالة الاحتراب وتمكين جماعات التطرف والإرهاب.
وغاب دور الجامعة غيابا تاما عن سوريا، وكأنها لا تتابع ما يجري على أراضيها من تهجير وقتل وتدمير للبنية الرئيسية في المدن السورية وما أعقبها من تغيير ديموغرافي؛ تثبيتا للوجود الإيراني الذي يتعمم بالشعارات الطائفية لخداع العامة والجهلة.
وأين دور الجامعة عما يرتكبه نظام الحمدين في المنطقة العربية من آثام وموبقات بمد الجماعات الإرهابية والخارجين على حكوماتهم والناشزين على مجتمعاتهم بالمال والدعم اللوجستي لإشعال وقود الفوضى في عدد من دول المنطقة؟
وأين دور الجامعة الغائب عن لبنان المحتل من حزب طائفي عميل لإيران؟
وأين دور الجامعة عن العراق الذي يعاني هو الآخر من تحكم عملاء إيران بالقرار السياسي والاقتصادي وتهيمن عليه رؤية «المليشيا» أكثر من عقلية «السياسي»؟
هل توطن اليأس في الوجدان العربي من انبثاق عمل جماعي أو شبه جماعي (يخرج منه عملاء إيران) لوقف حالة النزيف والفوضى في أربع دول عربية؛ عوضا عن المعالجات الفردية أو الثنائية أو الرباعية؟!
أيها الأمين من رآك؟!
أيتها الجامعة الموقرة أين صوتك؟!