د. أحمد الفراج
عندما قرأت وصف بوب وودوورد لبيئة العمل في البيت الأبيض، وهي البيئة التي تتسم بالفوضوية، بحسب وصفه، لم أستغرب حجم الإقالات والاستقالات التي حدثت، منذ أن أصبح ترمب رئيسًا وحتى اليوم، وهي لا شك تحمل الرقم القياسي، خصوصًا في السنة الأولى لحكمه، فقد رحل كبير الإستراتيجيين، ستيفن بانون، وهو الذي كنت أعتقد أنه سيبقى مع ترمب حتى اليوم الأخير، كما رحل رئيس هيئة موظفي البيت الأبيض، رينيس بريبس، والذي كان قبل ذلك رئيسًا للحزب الجمهوري، ورحل المتحدث باسم البيت الأبيض، شون سبايسر، الذي أحرقه ترمب، عندما طلب منه أن يكون حادًّا مع المراسلين الإعلاميين، فتحمس سبايسر، وتعامل معهم بغلظة شديدة، جعلته عرضة للسخرية في البرامج الكوميدية، ففي أمريكا، الويل لمن لا يتصالح مع الإعلام!.
وشملت قائمة الراحلين، أول مستشار للأمن القومي، الجنرال مايكل فلن، الذي كان قريبًا جدًا من ترمب، ومن أشد أنصاره، ولم يهنأ بمنصبه طويلاً، ثم لحق به خليفته، الجنرال مكماستر، وهناك غيرهم أيضًا.
ويذكر بوب وودوورد أن رئيس هيئة موظفي البيت الأبيض الحالي، الجنرال جون كيلي، مازح زملاءه قائلاً: «أحمد الله أنني بقيت في منصبي أطول من مدة بريبس»، أي سلفه في المنصب، وهذه إشارة إلى أن أركان إدارة ترمب يتوقعون الرحيل في أي لحظة، وكان الجنرال كيلي قد غضب مرات عدة، بسبب تجاوز بعض الموظفين له للقاء ترمب، في مخالفة صريحة للبروتوكول المتبع، ولكن كيلي، من وجهة نظري، كعسكري محترف، ومن باب الحرص على مصالح أمريكا العليا، حريص على البقاء، ربما لحماية ترمب، ومراقبة كل ما يجري في محيط العمل.
كان من ضمن الراحلين من إدارة ترمب، شابة جميلة، وعارضة أزياء سابقة، اسمها هوب هكس، وكان هناك موجة استغراب من قربها للرئيس، الذي كانت تحظى بعنايته، لأنها كانت من أشد المخلصين له، أثناء حملته الانتخابية، إذ كانت مديرة إدارة الاتصالات للحملة، ثم استقطبها، بعد فوزه بالرئاسة، وأنشأ إدارة خاصة لها، اسمها «إدارة الاتصالات الإستراتيجية»، ثم تمت ترقيتها لتصبح مديرة لإدارة الاتصالات، ثم رحلت، بعد أن اعترفت أمام لجنة تحقيق بأنها كذبت لصالح ترمب، ولم يكن بعض أركان الإدارة مقتنعين بوجود فتاة، توصف بأنها «لعوب» قرب الرئيس، وهو المكان الذي تُدَار منه شؤون أمريكا والعالم، ولكن ترمب له رأي آخر، فهو سياسي مختلف، غيّر وجه الحملات الانتخابية، والإستراتيجيات المتبعة، وحتى آلية العمل في البيت الأبيض!.