علي الخزيم
الأحقاد المجوسية الصفوية على العرب عامة والمسلمين خاصة قديمة؛ وزادت ضراوتها بعد صعود وتنامي قوة الدولة الإسلامية، ثم تأجَّج أوارها حينما استطاع جيش المسلمين بعهد الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب إسقاط عرش الأكاسرة بفارس مستكملاً سلسلة من الحملات العسكريَّة شنَّها المُسلمون منذ عهد الخليفة أبوبكر الصديق على الإمبراطوريَّة الفارسيَّة بالعراق، حيث ملحمة القادسية ومن ثم إنهاء سطوتهم بالشام؛ ولم تمض سنة (23هـ -644م) حتى استُكمل القضاء على تلك الإمبراطوريَّة وفتح فارس برُمَّتها.
المسلمون والعرب خاصة لم يكونوا يضمروا أيّ عداءً عرقي أو طائفي ضد أيّ قومية مجاورة أو غيرها، إنما صدعوا بما أمروا به وبما جاءت به رسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- من نشر للإسلام وتوحيد الله سبحانه وإحقاق العدل والمساواة؛ فكان كسرى وقومه رافضين للإسلام محاربين له متغطرسين أمام حكمة وحلم القيادة الإسلامية، إلى أن تحقق هذا المقصد العظيم بإخضاعهم وتحطيم عرش الطغيان، غير أن الفرس لم يكتفوا برفض شرع الله بل ابتدعوا كل ما أمكنهم للحط من قيمة وقدر العرب والمسلمين، والسعي لإشغالهم عن تنمية دولتهم، وذلك بالتدليس وافتعال الازمات وتأليب الدول والطوائف ضدهم، وابتداع نصوص ما أسموه بالمذهب الشيعي تقية لهم وسبيلاً للمساس بالدين الإسلامي الناصع القويم وتشويهه، وتلطيخ عادات وثقافة وآداب العرب والمسلمين وتلويثها زوراً وبهتاناً، ولم يوفروا لأجل ذلك أي جهد ووسيلة.
وكمثال على أحقادهم القديمة ضد كل ما هو عربي قصة خطف حسناء العرب المعروفة بليلى العفيفة، وهي ليلى بنت لكيز من بني تغلب بن وائل إحدى قبائل ربيعة، كانت ليلى أملح بنات العرب بعصرها وأجملهن خصالا وأدباً وشعراً، شاع ذكرها عند العرب فتقدم لخطبتها كثيرون من سَراة العرب وكبرائهم، فرفضتهم جميعاً لأنها كانت تكره أن تخرج من قومها، وذُكرّت ليلى فيما يسمى بالعصر الجاهلي وكانت قصتها نموذجاً لاعتزاز العرب وفخرهم على الأقوام الأخرى، إلا أن خبر حسن جمال ليلى وأدبها وأخلاقها الحميدة وشعرها وعفتها قد ذاع بالإمبراطورية الساسانية وبلغ خبرها عند أحد أمراء فارس وكان ابناً لكسرى ملك العجم فقال لحاشيته: (ما عسى أن نبلغ منها، والمرأة العربية تفضل الموت على أن يغشاها أعجمي)، فدبر مكيدة لخطفها وأسرها، لكنها أبت كل إغراءاته وفضلت الموت على أن يمسها أعجمي، ولما ضيَّق عليها العجم جعلت تستصرخ بالفارس الشاعر (البراق بن روحان) ابن عمها وبإخوتها:
(لَيتَ للِبَرّاقِ عَيناً فَتَرى
ما أُقاسي مِن بَلاءٍ وَعَنا
يَكذِبُ الأَعجَمُ ما يَقرُبُني
وَمَعي بَعضُ حِساساتِ الحَيا)
وبلغ بني ربيعة استنجاد فتاتهم واستفزتهم الحمية فحشد البراق الفرسان وسار إلى بلاد العجم فانتصر عليهم وخلص ليلى من يد خاطفيها، هكذا هي صور الحقد المجوسي الفارسي، وفي عقود مضت أبت زوجة حاكم عربي راحل (أصلها فارسي) إتمام قصة (حسناء العرب ليلى العفيفة) السينمائية لما تمثله من شيم عربية ودناءة فارسية رواها التاريخ، ما يبرهن على تأصل أحقادهم ضدنا.