سمر المقرن
أفرح كثيراً وأشعر بالفخر عندما أرى القضايا التي علّقت فيها الجرس قبل سنوات، مثاراً للنقاش في أروقة الأجهزة التي تصنع القرارات، وأفرح أكثر عندما أرى قرارات صدرت في هذه القضايا، من بينها ما يدور هذه الأيام في أروقة مجلس الشورى عن قضية أثرتها عبر صحيفة الوطن منذ عام 2003م، وهي قضية النساء السجينات اللواتي أنهين مدة محكوميتهن ورفض أولياء أمورهن استلامهن، وقد كتبت إضافة للتحقيقات والتقارير الصحافية عن هذا الموضوع مقالاً بعنوان: (سجينة برغم انتهاء المدة) نشر بتاريخ 4 يوليو 2006م في صحيفة اليوم. حمل هذا المقال شرحاً لأوضاع بعض السجينات من خلال مشاهداتي في زياراتي المتكرِّرة لسجن النساء وكتبت فيه احتفاءً بالقرار الصادر عن أمير منطقة الرياض -آنذاك- الملك سلمان - حفظه الله-، يقضي بإلزام أولياء الأمور باستلام النساء والفتيات بعد انتهاء مدة محكوميتهن مع أخذ تعهد خطي من ولي أمرها بعدم إيذائها.
ما أستغربه حقيقة أن هذه القضية ما زالت تدور في أروقة الشورى، وما زال هناك من يرفض خروج السجينة في ذلك المجلس بعد انتهاء محكوميتها دون اشتراط ولي أمر يستلمها!
بداية أؤكد أن ولي أمر السجينة لن يمنعها من ارتكاب جريمة أو مخالفة، لأن الذي يمنع حدوث هذا هو الضمير أولاً، ثم التأهيل الذي تحصل عليه السجينة أثناء محكوميتها والبرامج المقدّمة كفيلة بتغيير النمط الفكري للجريمة المترسخ في ذهنها، كما أن تأهيل السجينة للعمل ومساعدتها في إيجاد وظيفة أمر أساسي لن يجعلها تعود للجريمة، أضف إلى ذلك الدرس القاسي والصعب الذي يمر به أي إنسان يجرب السجن. بمعنى أن ولي أمرها لم يمنعها من تنفيذ الجريمة في المرة الأولى ولن يمنعها، فهل حيثيات رفض خروجها من قِبل بعض أعضاء الشورى هو خوفهم عليها أو خوفهم على المجتمع أو خوفهم من تكرار الجريمة؟! حقيقة لم أفهم مسببات رفضهم للتوصية المقدمة في هذا الشأن، لكنني أود تذكير كل من رفض هذه التوصية بأن يضع في ذهنه مصير الإنسانة التي تبقى في السجن مع انتهاء محكوميتها فقط لأن ولي أمرها رفض استلامها، وبأنه كان سبباً من أسباب هذه الظروف الموجعة!
ما زلت أتذكر قرار أمير منطقة الرياض - الملك حالياً- الذي أشرت له في متن هذا المقال، وأقترح على الشورى إعادة التوصية بما يتواكب مع المتغيّرات الاجتماعية والاحتياجات والضروريات وكذلك التأثيرات السلبية والخسائر، مع تطويرها ممهورة بهذا القرار الذي أتى متلمساً مشاعر السجينات في عدم سجنهن برغم انتهاء المدة!