د. عبدالرحمن الشلاش
طالب لا يرى بأسا في ممارسة الغش في الاختبارات رغم أنه قد درس كل مناهج الدين في المدارس وعرف من خلالها تحريم الغش، وقرأ كل فتاوى علماء الدين أو سمع عنها والتي تحرم أي نوع من أنواع الغش مهما كانت المبررات بل وترى معظم تلك الفتاوى أن الأسباب الداعية للتحريم تتمثل في الحصول على شهادة دون وجه حق حيث لم يبذل في سبيل الحصول عليها أي مجهود وإنما سرق مجهودات الآخرين أو سبق في درجاته من هم أكثر منه استحقاقا ! هذا الطالب تدينه مظهري لا يتعدى ما يؤديه من طقوس، لكن ممارساته خارج دور العبادة يندى لها الجبين!
رغم ما يحث عليه الدين في آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة من توجيه للبر بالوالدين وفضلهما وضرورة الإحسان إليهما لكنك تجد من لا يعير هذا الأمر الهام أي اهتمام بينما تجده يتقدم الجموع في مناسبات مظهرية يدفع من خلالها الأموال والتبرعات كي يشار له بالبنان ويوصف بالمحسن الكبير، ومن وراء ذلك يصل لما يريد في مظهرية بعيدة عن صلب التدين الحقيقي.
بعض من يبهرونك بمظاهرهم الزائفة وسمتهم المصطنع وتدينهم الشكلي لا يتورعون عن سلوك أي طريق يوصلهم لأهدافهم فالغاية لديهم تبرر كل الوسائل كي يصلوا إلى الهدف من أقصر الطرق وأسرعها لذلك سعى كثير منهم للحصول على شهادات علمية مزورة من جامعات وهمية لا وجود لها إلا على الأنترنت وكنا نتوقع بعد كشف أمرهم أنهم سيتراجعون ويمزقون تلك الشهادات المضروبة لكن ما يحدث يؤكد أنهم لا يزالون في غيهم يعمهون بل ويناضلون في محاولات مكشوفة لأصحاب العقول كي يثبتوا أن ما اشتروه من شهادات رخيصة في مضمونها هي حق مشروع ومكتسب يساندهم في ذلك بعض الأتباع والمريدين والمعجبين. تلك مظهرية تخفي داخلها ما يناقضها تماما فالمتدين الحقيقي يرفض كل الأساليب المنحرفة عن الصراط المستقيم، لأن المتدين الحقيقي هو من يوافق مظهره مخبره وإلا فإن ما يمارسه نوع من أنواع النفاق!
كيف تسرق وتغش وتزور أو تعق بوالديك أو تسيء لأقرب الناس لك، أو تكذب وتدلس وتداهن ثم تظهر أمام الناس برداء التقى والصلاح. تسرق الكتب والأبحاث العلمية والأفكار وتنسبها لنفسك، تستخدم غيرك سلما ترتقي عليه وسط تصفيق أصحاب العقول المغيبة !
تلك مظهرية أبتلي به المجتمع بعيدة عن مضمون الدين وجوهره في استغلال بشع لبيئة الجهل وتدني مستوى الوعي وكمية الثقوب التي تعاني منها ذاكرة المجتمع والذي أصبح ينسى ما يفعله أصحاب التدين المظهري بسرعة رغم كل محاولات التنوير ونشر الوعي.