سلمان بن محمد العُمري
بين الحين والآخر تظهر مقاطع سلبية، تعيدنا إلى عصور الجاهلية ونظرتها الدونية للبعض، وأعز ما نملك من أمهات وأخوات وبنات وزوجات، واسترخاصهن، والتقليل من شأنهن. هذه العقول المتحجرة والمتردية لا تمثل بكل تأكيد ما عليه مجتمعنا المحافظ من دين وقيم وخُلق وتربية.. ولا يمكن التعميم، ولكن هذا لا يعني قبول هذه الحالات الشاذة بأي حال من الأحوال، ويجب الإنكار عليها، والتنبيه على ما فيها من خلل فكري، وضَعْف دين، وقلة كرامة؛ حتى لا تتفاقم مثل هذه الحالات السلبية.
يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم-: «إنما النساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم». وديننا أكرم المرأة بعد أن كان يُبخس حقها في الجاهلية، وأعلى مكانتها.. فكيف بمن يريد أن يهين المرأة، ويسترخصها، ويجعلها عرضة للطلاق لمجرد «هياط»، وكأنها جارية من الجواري، تُباع وتُشترى وتوهب وتُهدى؟!!
هل وصل الجهل والتفاخر و(المهايط) إلى أن نجعلها أقل حتى من السلعة، وهي المعززة المكرمة في الشرع والدين والخلق الرصين؟.. ومقابل ماذا؟! لأجل قبول هدية أو رفضها نسترخص الزوجة وأُم الأبناء وشريكة العمر!
لقد أعطى الإسلام المرأة المكانة اللائقة بها كرامة وتقديرًا واحترامًا منذ مطلع الإسلام، بل إن السبعين الأوائل الذين دخلوا في الإسلام كان من بينهم سبع وثلاثون امرأة، في حين كان عدد الرجال ثلاثة وثلاثون رجلاً. وكلنا يعلم مكانة المرأة في بيت النبوة، وفي بيوت الصحابة، وفي سير السلف الصالح، وما كان لهن من مكانة وتقدير، وما كان لهن من أدوار.. وما سمعنا بمن يرخص قيمتهن، ويهدر كرامتهن.
إنَّ من ظهر في مقاطع التواصل الاجتماعي لا يمثل إلا نفسه، وكلامه مردود عليه. وإذا كنا نقول إن المرأة مهانة في الغرب حين تُستخدم في الدعايات، وتُبتذل في أعمال مهينة، فإننا نقول أيضًا: لا نريد في مجتمعنا من يبتذل المرأة قولاً أو فعلاً، ولا نقبل مَن ينظر إليها بهذه النظرة الدونية.. وأتمنى ألا تظهر مثل هذه الحالات وكأنها ثقافة مجتمع؛ فهي ثقافة محدودة وخاصة، ولا يرضى بها أبناء مجتمعنا، لا دينًا ولا خلقًا.
لقد حذرنا في أكثر من مناسبة من (الجهال) الذين يرمون بالطلاق عند أتفه الأسباب، ويهدرون كرامة أهلهم وبيوتهم من أجل تقديم فنجان قهوة فيطلق، أو يحرم لمجرد أن يحقق (تلزيمة) على صاحبه بشرب أو أكل أو إهداء، ثم يرخص أهله وبيته؛ ليثبت شهامته وكرمه الزائف على حساب الأُم المربية، والأخت السند، والزوجة الحنون، والبنت المصون.. {وإِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.