محمد آل الشيخ
مهما حاولا المكابرة والمغالطة، فليس لدي أدنى شك أن حمد بن خليفة وولده خيال المآتة يعضان أصابع الندم، فكل من حاولوا التوسط بهم من الدول الفاعلة خذلوهم، السبب أن هناك شبه قناعة لدى أغلب الدول أنهم رعاة للإرهاب، فضلاً عن أن دول المقاطعة هي دول أقوى بكل المقاييس من هذه الدويلة (الميكروسكوبية)، وهي في واقعها أشبه ما تكون بتلك الحشرة المزعجة في الظلام، والتي يسميها أهل نجد (صواية الليل - Night Cricket)، إذ لا تملك من القوة إلا الإزعاج الإعلامي. وقد ثبت الآن أن إزعاجها الإعلامي، وكَيْل التهم لدول المقاطعة الأربع، لم يثنها عن موقفها المقاطع الصارم.
ويبدو لأي متابع أن قطر ودبلوماسية قطر وقيمتها قد تأثرت تأثراً عميقاً، ولم يبق لهم من أمل إلا أن يُبعث رئيس مثل (بارك أوباما)، الذي يبدو أن الرئيس ترامب شطب على كل منجزاته إن كان له ثم منجزات، والرئيس ترامب يحظى بشعبية جارفة لدى الشعب الأمريكي، ما يجعل إعادة انتخابه لفترة رئاسية ثانية شبه مؤكد، ولا سيما أن الحزب الديمقراطي ما زال يبحث عمن يرشح في مقابل الرئيس ترامب، وإنجازاته الاقتصادية في الداخل الأمريكي، وهذا يؤكد أن فوزه بفترة ثانية هو المرجح.
الرئيس ترامب لا يكترث كثيراً بأوضاع قطر ومأزقها وعزلتها، وقد حاول القطريون طرق باب البيت الأبيض أكثر من مرة وقوبلوا باللامبالاة التي لا يمكن إلا أن تكون متعمدة. فلن يضحي الأمريكيون بأربع دول محورية في المنطقة ويناصرون قطر، فكل قيمة قطر أنها تحتوي على قاعدة العديد، وهذه القاعدة يعرف الأمريكيون أنها لا تستطيع قطر المساومة عليها، لأن بقاءهم كدولة مرتبط بالعديد، وبالتالي بالنسبة لصاحب القرار الأمريكي ليست هذه الدولة في الحسبان.
كما أن ثمة إرهاصات يستطيع أن يلتقطها المحلل الأمريكي هنا وهناك، تشير إلى أن القطريين ما زالوا يحتضنون أقطاب الإسلام السياسي، ممثلة بالحركة الأم (جماعة الإخوان المسلمين)، في الوقت الذي تعتبرها الدول المحورية الفاعلة في المنطقة منظمة إرهابية، ومن يتابع سمعة هذه الجماعة في أمريكا، يجد أن هناك توجهاً لدى كثير من الدوائر الأمريكية إلى تصنيفها على أنها منظمة إرهابية، الأمر الذي سيجعل حكام قطر يضطرون إلى التخلي عنها، وترحيل كوادرها خارج قطر.
تركيا هي الأخرى بدأت تشعر بأنها ذهبت كثيراً في نصرة قطر، وأنها أخطأت حينما تحالفت مع قطر فارتبكت علاقاتها بدول المقاطعة الأربع وعلى رأسها المملكة، وهناك كثير من الإرهاصات التي تؤكد ما أقول على أرض الواقع. ومعروف عن رئيس تركيا أردوغان أنه براغماتي حقيقي، وأي براغماتي عاقل لن يضحي بالدول الأربع ويتحالف مع دويلة مثل قطر، لا قيمة لها إلا بثرائها، ومن الجلي الآن أن المقاطعة الرباعية، ومحاولاتها الخروج من مأزق التهميش والمقاطعة استنزفها كثيراً، واضطرها إلى الاقتراض للوفاء بالتزاماتها للدول الغربية، وكل المؤشرات تقول إن الأزمة ستطول، وسوف تؤدي إلى مآلات خطيرة على المدى البعيد. وهذا في تقديري ما تقوله بعض المؤشرات التي بدأت تلوح في الأفق.
لذلك فليس أمام قطر إلا الإذعان، والانصياع لشروط دول المقاطعة، فالسياسة اليوم لا تدار بالأماني وإنما بالوعي واستشراف المستقبل والتعامل معه بموضوعية وعقلانية.
إلى اللقاء