فيصل خالد الخديدي
يسعى الإنسان لتطوير ذاته والعمل على أن يرتقي بأدواته لتزهر منجزاته، ويحرص على أن كل يوم يمر به يكون هناك إضافة له ولمعلوماته والزيادة في خبراته، والفنان التشكيلي معني كثيراً بتطوير ذاته وبنائها والعمل الدائم على أن يكون متجددا ومتناميا في عمله وفي معلوماته ومعارفه ومهاراته المكتسبة التي تصقل مواهبه، ولن يحصل على ذلك مالم يكن متصالحاً مع ذاته ومتفهماً لكينونتها وصورها، فعند معرفته لذاته وقدراته فإنه يمتلك تصوراً واقعياً لها متى ماكان منصفاً لنفسه ومدركاً لقدراته وواعياً لما يملك من إمكانات وما يفتقد، وهي مرحلة بناء صورة الفنان في عين نفسه أو تصوره عن ذاته وتعد من أهم المراحل التي يمكنه من خلالها معرفته لذاته دون تضخم ومبالغة ولا امتهان وجلد، أما تصور الفنان أو صورته في عيون الآخرين فهو أقل أهمية وتأثيراً في بناء ذاته الفنية متى ماكان الفنان على قدر من الوعي في التعاطي مع هذه الصورة والاستفادة من الحقيقي منها والتغافل عن السلبي والمحبط فيها، فالالتفات لما يقوله الآخرون أسر للذات وقدراتها في رضاء الآخرين وتحسين هذه الصورة لهم، والانخراط في مسارات تصنعها هذه النظرة الخارجية لذات الفنان والتي غالباً ماتكون مجحفة وغير متفهمة لسيكولوجية الفنان وماهية قدراته وحساسية مشاعره وشفافيته، وكم من فنان انتهى على أعتاب رضاء غيره واهتمامه بتحسين صورته والزيف فيها لكي يرضي الآخرين ولن يرضوا عنه مهما كان حتى وإن كسب الرهان وحاز قصب السبق في مجاله، فالاعتدال والتعامل بذكاء هو خير طريقة في التعامل مع تصورات الغير عن ذات الفنان.
والصورة المثلى أوالذات العليا التي يسعى لأن يكون عليها الفنان فهي التي تصنع الفارق بين الفنانين بعد أن يتكئوا على معرفة حقيقة لذواتهم وحسن التعامل مع تصور الآخرين لهم، فلكل فنان أهداف ومهما ارتفع سقف هذه الأهداف متى ماكانت الذات العليا المنشودة للفنان أكثر ارتفاعاً ورقياً ولكن الذات العليا التي ينشدها الفنان تستوجب منه العمل الدائم والصبر والسير في خطوات واثبة وثابتة لتحقيق ما يصبو إليه مهما كانت العقبات والعوائق فالفنان هو أقدر الناس على تطوير ذاته والرقي بها.