محمد المنيف
هل لدى التشكيليين خطاب تشكيلي؟ وهل لهذا الخطاب هدف وأسس ومنهج يصل بهذا الفن إلى خصوصية صحيحة تنطلق من هويته الوطنية أم إنه يسير دون وعي وتحديد مسار أو رسم طريق أو صنع بوصلة يهتدي بها إلى ذلك الهدف الأسمى؟
لقد أصبحنا في حاجة لإعادة بلورة هذا الخطاب إن كان موجوداً ومعمولاً به ليتوافق مع معطيات المستقبل هذا وإن لم يكن هناك شكلاً أو مفهوماً لهذا الخطاب، فعلى أصحاب الخبرات الطويلة ممن لديهم من التجارب ما يؤكد قدرتهم على صياغته ووضع الأطر لتطبيقه ليصبح فاعلاً وقدوة لبقية الفنون والأنشطة الإنسانية الأخرى، فلدينا ما يمكن اعتباره ملمحاً لوجود هذا الخطاب بما يشاهد ويتابع من إبداعات الفنانين من أصحاب الخبرات الطويلة التي انطلق الفن التشكيلي بهم ومعهم بمختلف الأنماط والأشكال التي تؤكد أن لها مرجعية تتمثل في العلاقة التي بنت وأسست سبل التواصل بين الإنسان الفنان المبدع وبين الوطن فإن اقترب الفنان من هذا المفهوم سيتضح له مفهوم الخطاب التشكيلي مهما اتسعت مساحته وتعددت طرق القناعة به كفعل له كينونته، وبذلك يمكن بذلك الخطاب إنشاء مؤسسات مدنية يمكنها التحكم في إدارته لوضعه في مساره الذي يخدمه أمام ما يحدث له من صياغة وتوجيه من جهات متعددة لا تعي كيفية التعاطي معه لقصور وعيها به مما أدى إلى نجاح ضئيل لبعضها وفشل للأكثرية لانغماسها في جانب التمجيد العفوي لكل ما يقدم من أعمال تشكيلية دون تقيد بوجود ذلك الخطاب أو عدمه، فالمهم لديهم ملء فراغ أو تعبئة مساحة أما نتيجة جهل أو تجاهل لدور هذا الفن ودور الفنان المتماهي مع الوطن بطريقة مختلفة عن المعتاد الذي يرى فيه البعض بزاوية منحرفة لا تتجاوز زاوية الترفيه.
لذا يجب أن يتميز الخطاب التشكيلي بعمق في معنى حمل المسؤولية الوطنية التي تجعل الفنان يقوم بعملية مجهرية لمكونات وتفاصيل الوطن بكل ما تحمله تلك المسؤولية من التزام بالهوية وتأكيدها في ذلك الخطاب، باعتبارها المرتكز والمنطلق للإبداع التشكيلي لعلمنا بما يمتلكه الفنان السعودي الحقيقي من عقل حاذق وعين ثاقبة وسبر لأعماق وتفاصيل جسد الوطن شكلاً ومضمون ثقافة وقيم تمكنه من وضع أطر خطابه.