د.محمد بن عبدالرحمن البشر
يوم الوطن كان يوماً وعشناه أياماً، أياماً جميلة رائعة، كان يوم محبة وولاء لقائد الوطن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين -حفظهما الله-، كان يوم التلاحم، وتجسيد مسيرة هذا الوطن، منذ أن وحّد كيانها المغفور له -بإذن الله- الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، تألفت القلوب، واجتمعت الأفئدة، وتعاون الجميع لبناء وطن ظل شامخاً، عبر تلاطم الأمواج.
المملكة العربية السعودية كانت وما زالت وطناً لأبنائها، كما استفاد من خيراتها أبناء الأمة العربية والإسلامية والدول المجاورة وغير المجاورة، والمتقدمة وغير المتقدمة، واستفاد أبناء الوطن، والوطن ذاته، من الخبرات العالمية، فتجسد هذا الوطن الشامخ دائماً، وترسخت القيم الثابتة دون تطرف وانفتحت البلاد على آفاق الدنيا بحضارتها الشامخة من معين الثقافات، كما روى الكثير ظمأه من زلال ثقافة هذا الوطن العريق في حضارته وثقافته.
واجهت المملكة العربية السعودية خطوباًَ كثيرة، لكنها ظلت صلبة ضد الأهوال، وتزاحمت على المنطقة تيارات مختلفة من قومية، ودينية ومذهبية، ومنظمات وأحزاب تدميرية، وكانت ترتكز على صخرة ثابتة متمثلة في الإيمان بالله أولاً، وتلاحم الشعب مع القيادة لتمضي السفينة عبر التاريخ سيراً على درب مؤسس البلاد الملك عبدالعزيز -رحمه الله-.
لقد عاش كثير من المواطنين الذين ما زالوا على قيد الحياة، في عهد الملك عبدالعزيز، والملك سعود، والملك فيصل، والملك خالد، والملك فهد، والملك عبدالله، رحمهم الله جميعاً، وهاهم اليوم يعيشون في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمين -حفظهم الله جميعاً-، وهم شهداء على مسيرة هذا الوطن، وقدرته على الصمود، لقد عاشت هذه البلاد بقيادتها ورجالها دون قطرة نفط، وعاشت بعد تدفقه وسعره الذي لم يتجاوز ثلاثة دولار، ثم عشرة دولار، ثم ثلاثين ثم طفرة كبرى، تلاها انخفاض كبير في السعر استمر سنوات ثم طفرة ثانية، وتوازن بعد ذلك وهو ما نعيشه اليوم.
لقد أعدت المملكة العدة لمرحلة تجاوز النفط كعامل أساسي في الميدان الاقتصادي، وأخذت في تنويع الدخل، ورسم رؤية 2030، التي تحمل الكثير من البرامج، التي يؤمل لها أن توصل البلاد إلى بر الأمان، وأخذت القيادة الحكيمة على عاتقها توطين التقنية، والرفع من كفاءة الفرد، والمضي قدماً في تنويع مصادر الدخل، وخفض العجز في الميزانية، والاستثمار الأمثل لموارد البلاد، والتقليل من الاستثمار في السندات الحكومية الدولية، والنظر إلى الاستثمار في شركات التقنية الواعدة ذات المستقبل المؤمل بعد الدراسة والتحميص.
لقد تم فتح أبواب استثمار لم تكن معهودة مثل الترفية والتوسع في السياحة وغيرها ووضعت لها القوانين اللازمة، وأخذ هذان القطاعان يسيران في خط مرسوم، واتضحت الرغبة الجامحة لدى الكثير من المواطنين في الاستفادة منها، وهذا ما نلاحظه في الإقدام عليها.
طوارق الليل والنهار لم تنفك عن هذه المنطقة لاسيما بعد ظهور الثورة الخمينية في إيران، واندفاعها المفرط في فرض أيديولوجيتها وسياستها على المنطقة حاملة كثيراً من الأوهام التي ينساق خلفها المغيبون عن الحقيقة.
ظل هذا الوطن صامداً في وجه الأعداء متمسكاً بالتعاون والتنسيق مع الأصدقاء والعمل معاً لنشر السلام في أنحاء العالم، وكبح جماح إيران وأدواتها المختلفة.
حظيت التنمية البشرية بالكثير من الاهتمام عبر تاريخ هذه البلاد منذ إنشائها على يد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، وقد كان لقيام الهجر، وتوطين أبناء البادية الكرام الأثر الكبير في التنمية البشرية، وها نحن نرى أبناء هذه الفئة الكريمة من المجتمع تعمل في الحقول العلمية المختلفة، ويتقلدون مراكز قيادية، ومنهم نساء ورجالاً برزواً في المجال العلمي على المستوى العالمي، وأصبحت أسماؤهم توضع مع مصاف المميزين في مجالات علمية مختلفة من طب، وفيزياء، وكيمياء، وفلك، وغيرها من الميادين الكثيرة التي نبغوا فيها بشكل ملفت، والحقيقة أن فكرة التوطين وقيام الهجر والوصول بأبناء هذه الفئة الكريمة إلى هذا المستوى المتميز يستحق من علماء الاجتماع مزيداً من التوسع ودراسة هذا الإنجاز الحقيقي الكبير.
لقد استمرت الإنجازات المجتمعية لفئات المجتمع جميعاً، وهاهم يقفون صفاً واحداً في بناء هذا الوطن يحملون راية التقدم والمضي للوصول إلى مصاف الدول المتقدمة، دون الالتفات إلى الخلف، أو إشغال أنفسهم بما تخلقه إيران من مشكلات للمنطقة.
حفظ الله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين، وشعب المملكة الكريم، وجعل يوم الوطن الثامن والثمانين انطلاقة كبرى في ميدان الأمن والتقدم.