د. عبدالله بن محمد المطوع
هي رسالة موجزة، أجزم أنها تحكي بصدق مشاعر المواطن المخلص الغيور، وحديث قلبه المحب لثرى وطنه الغالي ومقدساته وولاة أمره. هي رسالة موجهة إلى جنودنا البواسل من رجال الأمن في القطاعات الأمنية المختلفة، داخل المملكة، وفي قواعدها البرية والبحرية والجوية في مناطق المملكة العربية السعودية ومدنها كافة.. إلى أولئك الذين لبسوا الزي العسكري، وتشرفوا بالدفاع عن دينهم ووطنهم وولاة أمرهم؛ فنالوا شرف المكانة وسؤدد الرفعة، إليهم نقول:
تأكدوا أن الشعب السعودي وقيادته يفخرون بكم، ويستشعر الجميع تضحياتكم العظيمة في حفظ أمن الوطن والذود عنه؛ فأنتم خط الدفاع الأول عن حياض الوطن في مواجهة الأعداء والمجرمين والمنحرفين فكريًّا من أرباب الفكر الضال والتنظيمات الإرهابية، والخارجين عن الشرع والنظام، إنكم -يا جنود الوطن- السند والحامي والدرع الذي يتظلل به الوطن بعد الله تعالى في كل مهماتكم الأمنية والعسكرية العظيمة.
جنودنا البواسل.. إن جميع المهن والوظائف الأخرى مهمة في بناء الوطن والإسهام في نهضته، إلا أن ما تقومون به من مهام عظيمة وواجبات جسيمة هي أعظم وأهم؛ لأنه لا يُتصور وجود وطن بلا أمن وأمان واستقرار ينهض به رجال نذروا أنفسهم في سبيل تحققه، وقيام مصالحه الدينية والاجتماعية والاقتصادية، ولا تُتصور هيبة لوطن بلا رجال يحمونه من الأعداء والمفسدين والضالين؛ لذلك زاد شرفكم، وفضلكم، مع اليقين أن جميع المهن والوظائف خير، وكلنا على ثغر، نتشارك سوية في خدمة هذا الوطن وتنميته، وحفظ مصالحه.
رجالنا البواسل الذين يبذلون غاية الجهد في ليلهم ونهارهم لخدمة المواطن والمقيم وعابر السبيل وقاصد الحرمين الشريفين، نهديكم بعضًا من النصوص النبوية الكريمة التي تبيِّن شرف هذا العمل الذي تقومون به، وتوضح فضل الرباط والمرابطة في سبيل الله تعالى، وحفظ أمن الوطن والدفاع عن حدوده ومقدساته ومصالحه، وأن ذلك كله عبادة من أشرف العبادات وأفضلها:
سُئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: «الصلاة على وقتها»، قيل: ثم أي؟ قال: «بر الوالدين»، قيل: ثم أي؟ قال: «الجهاد في سبيل الله». متفق عليه. وقال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: «مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم الدائم الذي لا يفتر من صلاة ولا صيام حتى يرجع». متفق عليه.
نعلم جميعًا أن السبيل إلى الجهاد وفضله لا يكون إلا عبر ولي الأمر، وتحت رايته، وإذنه، من خلال العمل العسكري الذي تنتسبون إليه في عصرنا الحاضر.
وأما عن فضل الرباط والمرابطة، وما يسمى بـ»الاستلام»، فتلك مهمة شريفة تقومون بها عند الملمات والحاجات، وتتناوبون فيها لأداء واجبكم في حفظ أمن الوطن والذود عن مصالحه. يقول عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها». متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم: «رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات فيه جرى عليه عمله الذي كان يعمل، وأُجري عليه رزقه، وأمن من الفتن». رواه مسلم. وقال عليه الصلاة والسلام: «كل ميت يختم على عمله إلا المرابط في سبيل الله فإنه ينمي له عمله إلى يوم القيامة، ويؤمَّن من فتنة القبر». رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
فيا رجالنا الأبرار في القطاعات الأمنية والعسكرية كافة.. أنتم امتداد مبارك لآبائكم وأجدادكم الميامين الذين انضموا وجاهدوا تحت راية المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- حتى وحد الوطن بعد أن كان شتاتًا.. أنتم أبناء أولئك الرجال الأوفياء الذين يدينون بالولاء لقادتهم الكرام ملوك هذا الوطن المعطاء.. نقول لكم بلسان الفخر والاعتزاز: إننا يومًا بعد يوم نزداد حبًّا لكم، وتقديرًا لتضحياتكم، واستشعارًا لدوركم المهم في الوطن، ونقدر كثيرًا أنكم قدَّمتم من زملائكم شهداء -تقبَّلهم الله- قدَّموا أرواحهم في الذود عن أمن الوطن، وأصيب زملاء لكم - شفاهم الله - في مهامهم الأمنية، كما أنكم تغلبتم على ظروفكم الأسرية والاجتماعية في سبيل أداء واجبكم الوطني؛ وهذا كله يزيد فخرنا بكم، واعترافنا بفضلكم.
إن هذه الرسالة الموجزة تلخص لكم ما في قلوبنا وأنفسنا تجاهكم، ونختمها بالدعاء لكم بالنصر والعزة والتمكين والتسديد والتوفيق في كل مهامكم الأمنية والعسكرية في ظل قيادة ولاة أمورنا، على رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-. كما نسأله سبحانه أن يحفظ علينا الوطن من كل سوء ومكروه، ويرد كيد الحاسدين والمبغضين والشانئين في نحورهم، ويجعل تدميرهم في تدبيرهم.