عبدالله بن محمد أبابطين
لن أتعرض لمسيرة قائد هذه الأمة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل فيصل؛ فهذه مسيرة تاريخية، قد لا يوجد لها مثيل. إن الملك عبدالعزيز -رحمه الله- اتصف بالبسالة والمهارة في القيادة، والولاء والمحبة لشعبه. وهذه شخصية بارزة دون ريب بمقاييس أبطال الجزيرة العربية. هذا ما أجمع عليه كل المؤرخين والرحالة من عرب وأجانب؛ فقد تمرس عبدالعزيز في المنفى، وتضلع بأخلاق الصحراء وعادات نجد، وأدرك أن التمسك بالدين ورجاله هو أهم علم يرفعه، وأن ذلك أسلوبه وديدنه في حياته وتربيته لأولاده وشعبه.. وكثير من القصص سمعتها من أقاربي عن عفة ونزاهة عبدالعزيز ويخطئ.. من يقول إن الطرق والمسالك كانت مهيأة لعبدالعزيز؛ فقد كانت الفتن والفرقة وقوة الضد، بل القوة الأجنبية.. كانت حصنًا منيعًا ومانعًا أمام طموحات هذا الشاب، ولكن تهون الصعاب أمام تحقيق الهدف حتى تحققت الأمنية، وتم إعلان توحيد البلاد بتاريخ الأول من الميزان 1351هـ، الموافق 23 سبتمبر 1932م، وصدرت هذه الموافقة السامية بنظام (توحيد المملكة) التي تقرر أن تعرف منذ ذلك الحين باسم المملكة العربية السعودية.
فتحقق بفضل الله، ثم بجهود الملك عبدالعزيز ورجاله، أن تم تكريمه تاريخيًّا ليرويها سطورًا لا أساطير خيال في نصف قرن، استطاع خلاله هذا الشاب النجدي أن يوحد مملكة. وقد قال عنه البريطانيون (نابليون العرب).
ونحن نقول: يرحمك الله يا عبدالعزيز؛ فقد وحدت الشمل، وجمعت الشتات، وألفت القلوب، وأنشأت مملكة شعارها التوحيد الخالص؛ ليشعر مَن بعدك بالأمن والأمان، ولتسلم الأمانة إلى أبناء أوفياء، تربوا في مدرستك، ونهلوا من علمك.
ومن وقفات الملك عبدالعزيز -رحمه الله- في مدينة الطائف عام 1351هـ توجيهه -رحمه الله- خطابه إلى المسؤولين في الدولة مبينًا أمورًا كثيرة، لها علاقة مباشرة بما بين الحاكم وشعبه، إلى جانب مسؤولية المواطنين تجاه ولاة الأمر. ومن يتتبع كلماته - رحمه الله - يجد أنها تمثل نظامًا إداريًّا، يخدم الوطن والمواطن. وهذا النهج بفضل الله استمر عليه أنجاله بكل اهتمام وحرص، وكذلك أمراء المناطق ساروا على هذا الدرب حتى يومنا هذا.