خالد بن حمد المالك
لم تكن العلاقات السعودية - الألمانية يشوبها التوتر في أي مرحلة من مراحل بناء العلاقات الثنائية، وظل التعاون الثنائي اقتصادياً وتعليمياً وأمنياً وسياسياً يماثل ما هو قائم بين المملكة وأفضل أصدقائها وشركائها.
* *
غير أن هذه العلاقة شهدت مؤخراً شيئاً من سوء الفهم، مما أصابها بالضرر، ما جعل المملكة تتصرّف بما يعبّر عن غضبها من التداول الإعلامي الذي يعتمد على تصريحات من بعض مسؤولي القرار في ألمانيا، وتتخذ إجراءات لم تألفها العلاقات بين البلدين.
* *
ومع هذا، فقد كنا على يقين بأن عودة العلاقات إلى ما كانت عليه أمر ممكن، وأن الدولتين لن تقبلا باستمرارها بما يضر بمصالحهما، وهو ما حدث فعلاً حين خرج وزير خارجية ألمانيا ليصحح الموقف الألماني الذي كان سبباً في تأثر علاقات برلين سلباً مع الرياض.
* *
وفي ضوء التفاهم بين وزيري الخارجية في البلدين، وإعلان ألمانيا أسفها لما شهدته العلاقات من توتر جراء سوء فهم من بعض التصريحات الإعلامية في الأشهر الأخيرة، أكّدت المملكة من جانبها على عمق العلاقات الإستراتيجية مع ألمانيا وأهميتها على الساحة الدولية.
* *
دعوة وزير خارجية ألمانيا إلى تجاوز البلدين ذلك التوتر في العلاقات التي مرّت بينهما بحكم العلاقة القوية والإستراتيجية التي تربط بينهما، واعتراف الخارجية الألمانية بأنه كان يجب عليها أن تكون أكثر وضوحاً في تواصلها مع المملكة، وما قابله ذلك من ترحيب من المملكة، ورغبة في بذل كافة الجهود لتعزيز هذه العلاقات، يظهر التصميم السعودي - الألماني على تجاوز هذه المرحلة إلى ما هو أفضل.
* *
وفي التفاصيل المنشورة عن هذه الأزمة التي كادت أن تدمر العلاقات التاريخية بين بلدينا، تكون الرياض وبرلين قد بدأتا عهداً جديداً من العلاقات المتميزة، بعيداً عن سوء الفهم والتصريحات الإعلامية غير المناسبة التي كانت سبباً في القطيعة بين دولتين تجمعهما قواسم مشتركة في الحرب على الإرهاب، ودعم الاقتصادي الثنائي والدولي، وبما يخدم مصلحة البلدين والشعبين الصديقين.
* *
هناك دروس يمكن استخلاصها من هذه التطورات في العلاقات الدولية بين دولتين كبيرتين ومهمتين، أهمها ضرورة أن ينأى المسؤولون بالدول عن إطلاق التصريحات الإعلامية وتبني المواقف غير المناسبة، دون النظر إلى ما تسببه من تأثير سلبي على العلاقات، ومن خلق جو مشحون بالتوتر والتصعيد غير المقبول.