د. أحمد الفراج
يواصل بوب وودوورد كشف بيئة العمل في البيت الأبيض، ويزيح النقاب عن شخصية ترمب، التي تتصف بالعناد والنرجسية، وأضيف هنا أن شخصية ترمب تشكلت على مدى عقود، من طبيعة نشأته في أسرة ثرية، ونجاحه في مجال التجارة، ما جعله صاحب القرار الأول والأخير، الذي يتودد له الجميع، ويحاولون كسب رضاه، وبما أنه لا يملك أي تجربة سياسية سابقة، فقد استمر على ذات الوتيرة في العمل، عندما أصبح رئيسا لأمريكا، رغم الاختلاف الهائل بين مهمة رجل الأعمال، ومهمة رئيس الولايات المتحدة، فأمريكا دولة مؤسسات عريقة، تحكمها مؤسسات صلبة، مثل وزارة الخارجية، ووزارة الدفاع، ووكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، وما يلحق بها من أجهزة استخباراتية وأمنية عديدة، وجهاز الأمن القومي الحساس والهام.
يروي وودوورد أن كبير الإستراتيجيين المُقَال، والعقل المدبر، الذي أوصل ترمب للرئاسة، ستيفن بانون، كان يوصي بعض العاملين معه بأن يتعاملوا مع ترمب كطفل مدلل، ولا أظن أحدا يعرف ترمب أكثر من بانون، وكان بانون، القومي العنصري، يطمح بأن يقود ترمب أمريكا لأن تكون قائدة الحراك الشعبوي الغربي، ثم أدرك أن الأخير محكوم بنظام مؤسساتي صلب، يصعب القفز عليه، كما أن بانون وجد صعوبة في التعامل مع ترمب، الذي لا يريد أن يكون أداة بيد أحد، وكانت أعنف المواجهات، حدثت بين بانون، وبين ابنة الرئيس المفضلة، أفانيكا ترمب، فقد صرخ بانون في وجهها ذات مرة، وأبلغها أنها مجرد موظفة في البيت الأبيض، فما كان منها إلا أن بادلته بالصراخ: «أنا لست مجرد موظفة.. أنا ابنة الرئيس»!.
ومن وجهة نظر شخصية، فإن ترمب قد يكون ارتكب خطأ باستقطاب ابنته وزوجها، جاريد كوشنر، كمستشارين في البيت الأبيض، لأن هذا الأمر صنع مواجهات، تداخل فيها العمل الرسمي، مع الصلات العائلية، ولا يتوقف النقاد والمعلقين عن مناقشة ذلك، إذ أن من حق ترمب أن يستقطب من يثق به، رغم أنه لم يسبق لأي رئيس أمريكي أن استعان بأحد من أسرته القريبة، فالرئيس جورج بوش الابن، على سبيل المثال، لم يستقطب شقيقه جيب، رغم كفاءة الأخير، وخبرته السياسية الطويلة، كحاكم لواحدة من أهم الولايات، ويبدو من سرد بوب وودوورد أن بعض أركان إدارة ترمب، يتضايقون أحيانا من تدخلات الابنة أفانيكا، ولكنهم يعلمون عن علاقتها الخاصة بوالدها الرئيس، وليست أفانيكا وحدها من يضايق أركان الإدارة، فهناك غيرها ممن قرّبهم ترمب، وهم لا يحملون المؤهلات الكافية، وسيتواصل الحديث!.