د. فهد صالح عبدالله السلطان
أولاً دعوني اعترف بأنني لست إعلاميًا ولا أجيد فن الخطابة والتمجيد، ولست سياسيًا ولا أجيد لغة الساسة، فأنا في بداية الأمر ونهايته مواطن وأكاديمي أقرأ بعين الموضوعية وأتابع بالبصر والبصيرة ما يجري من أحداث تمس حياتي وحياة أسرتي ووطني ومجتمعي المسلم الكبير.
في عودتي ليلة الأحد الماضي من مناسبة خارج الرياض أذهلني مشهد مهيب، فقد خرج جمهور كبير من المواطنين (معظم سكان العاصة) شباب وكبار يجوبون شوارع الرياض تعلوهم الابتسامة وفرحة الاحتفال ويرتسم على وجوههم حب الوطن. ولكن أي وطن؟ وطن تصل درجة الحرارة فيه صيفا إلى الخمسين وفي الشتاء إلى مادون الصفر.. ولكنهم يحبونه!! وطن يستبشر أهله بمرور ثلاثة أيام متوالية دون أن تمطر عليهم صحراؤه بغبار يغير ملامح وجوههم وأشكال مساكنهم وألوان مركباتهم.. إلخ ولكنهم يحبونه. وطن قست صحراؤه على الأجداد لدرجة الهلاك من الجوع والفاقة وبقي أبناؤهم يحبونه. وطن تقسو عليهم صحراؤه فيقومون بعمارتها ويجود الله عليهم بأفضاله فيزدادون شكرًا له. نعم نحن وطن والوطن نحن. نحن مجتمع متميز قيادة وشعبا نصبر في الضراء ونشكر في السراء.. نعم نحن السعوديون نختلف في الرأي فيما بيننا - اختلاف حضارة لا خلاف جهالة - ولكننا نتفق على حب وطننا وتربته وغباره وقسوة صحرائه ونتفق على حب قادته. لا أعرف بلداً آخر يحرج أعداءه مثل هذا الوطن!!! كلما ازداد طعن أعدائه به ازداد حب أهله له!!! يا له من وطن ويا له من مجتمع تحكمة قيم الإسلام العظيمة وتسوده مبادئ الدين المتينة وتسيره أعراف العرب الأصيلة.
إن كان لي من رسالة في يوم الوطن فإنني أوجهها إلى كل من يحاول الإساءة لهذا البلد الكريم من زعماء أو شعوب العالم. رسالة تختصر على من يحاول التطاول مسافة الزمن وتحفظ له الجهود: إذا أراد أي حاقد أن يقف على مخاطر أفعاله وفشل مخططاته تجاه هذا البلد الكريم فالينظر بعين البصيرة لا البصر إلى مكوناته وأركانه القوية (معتقدًا وقيادة وشعبًا) وسوف يقف على الحقيقة الدامغة، وهي أنه أمام كيان شامخ راسخ لا تهزه الأعاصير ولا تغيره اتجاهات الرياح ولا تقلبه تحديات الزمن!!!
ألا هل بلغت؟
المواطن