م. خالد إبراهيم الحجي
إنّ حب الوطن غريزة طبيعية وفطرية في كل البشر مثل حب الوالدين؛ لأن النفوس تحب من أحسن إليها دائماً، والإنسان يحب المكان الذي ولد على أرضه، وشرب وارتوى من مائه وأكل من خيراته، ونشأ وتربى وترعرع تحت سمائه. وفضل الوطن على الإنسان كبير؛ لأنه الملاذ الآمن الذي يلجأ إليه، والحصن الحصين الذي يحتمي فيه.
الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن مؤسس المملكة العربية السعودية وأبناؤه وأحفاده خير مثال وقدوة على حب الوطن، والتضحية والفداء من أجله؛ لأنهم تُحركهم الدوافع الوطنية الأصيلة، والقيم المبادئ الدينية الراسخة التي تدعم سعيهم وتقويه، وتدفعهم إلى تحقيق الإنجازات الداخلية على المستوى الوطني، والإنجازات الخارجية على المستوي الإقليمي والدولي. ومما لا شك فيه أن تأسيس المملكة العربية السعودية وتوحيدها في (23) سبتمبر في عام 1932م قبل ثمانية وثمانين عاماً يعد إنجازاً رائداً وفريداً ونبراساً مضيئاً في تاريخ الجزيرة العربية على يد الملك عبد العزيز الذي سطر نموذجاً يحتذى به في القوة والشجاعة والانتصار على خصومه، ولمِّ شمل القبائل المتفرقة والمتناحرة فتوحدت على يديه وتحت لوائه على أرض المملكة الواسعة الرحيبة المترامية الأطراف؛ فأصبحت قبلة آمنة وحصناً منيعاً للإسلام والمسلمين، فاستطاع الملك عبد العزيز وأبناؤه وأحفاده من بعده كسب حب الشعب وتأييده ومبايعته لهم على السمع والطاعة. ويوم تأسيس المملكة أصبح يوماً وطنياً من كل عام ميلادي، وهو يشبه تصفح كتب التاريخ التي تحكي ملحمة حب الوطن، والتفاني في خدمته ورفعته ليربط بين الماضي المجيد والحاضر المزدهر والمستقبل الواعد.. واحتفالات المواطنين الصغار والكبار من الرجال والنساء باليوم الوطني دليل عملي ملموس على أنّ حب الوطن متأصل في قلوبهم، وأنهم يتمسكون بالمبادئ الوطنية الأصيلة الراسخة التي تدفع إلى العمل بجد وإخلاص لنشر المحبة والتسامح بين جميع طوائف المجتمع المختلفة للمحافظة على اللحمة الوطنية، والقيم والمبادئ الدينية من أجل تنمية الوطن وازدهاره. وفعاليات الاحتفالات التي يحضرها مئات الآلاف من المواطنين والمقيمين في أماكن الاحتفالات المختلفة، ويتم نقلها نقلاً حياً على الهواء مباشرة؛ فيشاهدها الملايين من الناس في منازلهم على شاشات الفضائيات التي تظهر وجوه الجماهير العريضة وتعكس فرحتهم وسعادتهم الغامرة، وتؤكد روح التفاهم والتعاون والتضامن الوطني، وتكاتف الشعب السعودي مع ملوكه، بداية من الملك عبدالعزيز المؤسس، وأبنائه من بعده الملوك: سعود، وفيصل وخالد، وفهد وعبدالله ورجالهم الأوفياء رحمهم الله جميعاً، في رحلة البناء والكفاح للتغلب على التحديات القاهرة خلال رحلة تأسيس المملكة، وتوحيدها وتشييد صرحها في المنطقة وبين دول العالم، لتبقى ثابتة وراسخة أمام ااضطرابات الإقليمية والتقلبات الدولية وتواكب مستجدات العصر الحديث، مع التمسك بالعادات والتقاليد العربية الأصيلة، والمحافظة على الوسطية والاعتدال التي دعا إليها الدين الإسلامي.. والعلاقة بين المواطنين والقيادات السعودية القوية الراسخة يشاهدها ويلمسها الداني والقاصي تتمثل في حب الشعب السعودي لملوكهم، ووطنهم، في ظل النهضة الحديثة التي يقودها الملك سلمان خادم الحرمين الشريفين - أمد الله في عمره - مع ولي العهد محمد بن سلمان - الرجل الوطني المخلص- الذي يعمل بجد منقطع النظير من أجل المحافظة على وحدة الوطن وسيادته ومجده، ووضع على عاتقه مسؤولية تحقيق الأمن والسلام، وترسيخ مبادئ الوطنية السعودية الأصيلة، والحفاظ على العقيدة الدينية الصحيحة والعمل على إكمال بناء المسيرة الاقتصادية، وحمل مشعل النهضة الحضارية إلى الأجيال القادمة.. وقد بدأ الشعب السعودي يجني ثمار ومنجزات الإصلاحات الاقتصادية التي يقوم بها ولي العهد في ظل الرؤية المستقبلية التي قدمها وأهداها للوطن لتحقيق مزيدٍ من الإنجازات الوطنية التي ستحتفل بها الأجيال القادمة في مثل هذا اليوم من كل عام ميلادي إن شاء الله تعالى.
الخلاصة:
إن الحنين إلى الماضي والفرحة بالحاضر والأمل في المستقبل تجتمع في اليوم الوطني.