د. محمد عبدالله العوين
قامت هذه الدولة المباركة لأداء رسالة عظيمة؛ إسلامية وطنية عربية إنسانية.
ولأن النيّة طيبة والأهداف نبيلة سامية أمد الله بناة الدولة بالعزيمة والإصرار والطاقة الخلاَّقة والتشافي السريع بعد أي جرح.
وعلى الرغم من كيد الأعداء وخبث مكرهم وبشاعة اتهاماتهم وكبر تقولهم ودناءة حبائلهم إلا أن الله أحاط بهم وأسقطهم ورفع راية المملكة خفاقة قائدة صاحبة قرار وقول فصل.
التاريخ لا يكذب.
لم يبق للدولة العثمانية الغاشمة أثر.
ارتكبوا أبشع الجرائم في حق العرب، وسعوا إلى وأد الحلم الأخضر النابت في هذه الجزيرة بأن يكون للعرب كيان ووجود مستقل؛ فخيب الله مساعيهم وردهم على أعقابهم خاسئين منهزمين مكسورين ممزقين كل ممزق في نجد وفي عسير والشرقية وعلى الساحل الغربي وغيره، وآخر انكساراتهم في مدينة حوطة بني تميم عام 1254هـ.
سقطت الدولة العثمانية العنصرية وبقيت الدولة السعودية راسخة الأركان قوية الشأن وارفة مورقة غنية تعطي ولا تأخذ، تدفع ولا تعتدي، تحسن ولا تسيء، تجمع ولا تفرّق، تصل القريب وتكسب البعيد، تنفتح على العالم بثقة ولا تفرط في هويتها وثوابتها وأسسها التي قامت عليها.
عظمة هذه الدولة أن جذورها عميقة ممتدة؛ فهي تتشرّب الأخلاق النبيلة وقيم الفروسية وحس الإبداع قبل الإسلام بمئات الآلاف من السنين، وارثة حضارات سادت ثم بادت، ولكل حضارة بصمتها الخاصة التي لا تنمحي ولا تزول؛ بل تبقى آثارها ساكنة في الجينات، ثم إنها الأمينة على حمل الرسالة الإسلامية العظيمة التي شعت أنوارها من أرض الحجاز وحملها الأجداد الفاتحون والقادة الكبار إلى كل العالم.
تآمر الأعداء منفردين ومجتمعين، وسقطوا واحداً تلو الآخر!
انحلت دعاوى القومية الكاذبة، وبكلمة دقيقة دعاوى (الناصرية) لأنها كانت في النهاية طيشاً زعامياً وطفرة مراهقة سياسية وأوهاماً تخيلها جمال عبد الناصر بأنه سيحكم العالم العربي، ولذلك أسمى دولته «الجمهورية العربية المتحدة» وضم سوريا، ثم فشل، وأراد ضم اليمن وخسر أكثر من 64 ألفاً من أبناء مصر ذهبوا نتيجة حماقة مشاريعه الفاشلة، وأجج ورفع صوته وافترى وأطلق أبواقه، ولكن الصبر السعودي والنفس الطويل أعاده صغيراً إلى حجمه، ثم سقط وبقيت المملكة.
وكاد وريثه على القومية تلميذه الصغير الأخرق «معمر القذافي» للمملكة وارتكب من صور الحماقات ما نعف عن ذكره وقابلت المملكة جنونه بالصبر والحسنى؛ ولكنه تآمر وخطط ثم أسقطه الله مع من تآمر معه وبقيت المملكة.
ونوى صدام حسين الشر بعد أن قابلته المملكة بالمآزرة والدعم فرد الله كيده وسقط.
وتآمر علي عبد الله صالح وأضمر الخيانة وسقط.
وتآمر نظام الحمدين وكشف الله خزيه وهو الآن على حافة السقوط.
ويرتكب فرس اليوم ما ارتكبه أتراك الأمس، وتدير السعودية المعركة معهم بالمواجهة الباسلة والعقل السياسي المحنك، وستتهاوى قريباً أحلام كسرى الجديد ويذهب كما ذهب إيوانه من قبل.
السعودية تنتصر.