د. عبدالعزيز عبيد البكر
أصبحت جميع أمورنا الحياتية الآن متعلّقة باستخدام الإنترنت والتكنولوجيا، وإن تنوّع وسائل المعلومات والاتصالات والتطبيقات وتفاوت خصائصها وطبيعتها زاد من حجم التعقيد بسبب تبادل المعلومات بين العالم وبين الأفراد والحكومات، فأصبحت من الأمور المهمة والحيوية للفرد وللمواطن، فجميع الوزارات والمؤسسات الحكومية والخدمات بالمملكة مرتبطة ارتباط وثيقاً وتقنياً بهذه التكنولوجيا التي توفر خدماتها للمواطنين وتوفر سبل الراحة كاختصار للوقت والتقليل من المادة. فيمكنك وأنت جالس الآن في منزلك وأمام شاشة كمبيوترك أو أمام شاشة جوالك أن تنهي جميع معاملات الحكومية من خلال هذه الخدمات والتطبيقات بالإنترنت ويمكنك إنهاء جميع معاملاتك خلال دقائق. ومع كل هذه الخدمات والراحة التي توفرها لنا هذه التكنولوجيا الجميلة، ظهرت مشكلة انبثقت مع هذه التكنولوجيا وهي الأمن السيبراني؛ وهو أنه لا بد أن نقوم بحماية سير هذه العمليات وحماية البيانات والتطبيقات وحفظ المعلومات الوطنية للأفراد والدولة، والمحافظة عليها؛ يعني منع أي دخول عليها غير مرخص أو العبث بها والتي لا بد أن يكون هناك نظام قوي يحمي هذه الخدمات والمعلومات التي توفرها وتزوّدنا بها هذه التكنولوجيا الجميلة عبر الفضاء الإلكتروني, لذلك ظهر مصطلح الأمن السيبراني في أواخر هذا العصر والذي جاء من لفظ السيبر المنقول عن كلمة (Cyber) اللاتينية ومعناها «الفضاء المعلوماتي»، وهو تعبير شامل يصف جميع الأمور المتعلّقة بحفظ هذه الخدمات والبيانات وتدفق سيرها والذي يحوي كل ما يتعلّق باستخدامات وآليات وتطبيقات وتجهيزات تقنية وتدفق البيانات والمعلومات، والبرامجيات، والترابط فيما بينها من خلال شبكات الحاسب والاتصالات والإنترنت. لذلك جاء الأمر الملكي القاضي بإنشاء (الهيئة الوطنية للأمن السيبراني) وارتباطها بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز خطوة رائدة قوية وجاءت في وقتها حقيقة لأني أنا بحكم تخصصي في هذا المجال من عشرات السنين إلا أن الوقت هذا زادت فيه الأمور تعقيداً وأصبحت الحماية ومعرفة ماذا يملك الطرف الآخر سواء من مهاجم الإلكتروني أو هكر يريد أن يدخل الأنظمة الداخلية، وللمحافظة على أمن المجتمع السعودي الإلكتروني واستقراره، وتأمين سلامة عمل قطاعات الدولة الإلكترونية المختلفة من خلال تحقيق الأمن الإلكتروني لها من أي مشاكل قد يتم الاعتراض عليها أو أي اختراقاتد تهددها. يهدف الأمن السيبراني إلى تعزيز حماية جميع ما يتعلّق بالدولة إلكترونياً وأفراداً لحماية هذه الأنظمة الإلكترونية وأنظمة تقنية المعلومات وأنظمة التقنيات التشغيلية وجميع مكوناتها المحيطة بالمجتمع من أجهزة وبرمجيات ومعدات وجميع ما يؤثّر على تقدّم هذه الخدمات، وما تحويه من بيانات، فأصبحت هذه أيضاً من أهم الأولويات المهمة والحيوية لجميع دول العالم لأنهم يريدون أن يحافظوا على بيانات مواطنيهم وحفظ ممتلكاتهم وبياناتهم الإلكترونية، وأخذ كثير من الدول على عاتقها وخاصة الدولة المتقدّمة في الكثير من الاهتمامات والاحتياطات والتعمق في هذا التخصص الذي يمس حياة مواطنيهم، فأنشأوا الكليات والمعاهد ومراكز البحوث حتى يتم معرفة كل شيء يقوم بتوفير الحماية لمواطنيهم ولمجتمعاتهم، ومن أهم ما يدور في هذه التخصص والذي يقدمه هو: 1- تأمين البنى التحتية لأمن المعلومات والبيانات الخاصة بالمواطنين، مثلاً عندنا في المملكة لا بد من حماية قوية لجميع ما يتعلّق ببيانات المواطنين وحفظها في مكان آمن، وكذلك جميع أجهزتها ومواردنا الحياتية سواء من ممتلكات إلكترونية من أي محاولة عبث أو اختراق أو تدمير وتوفير الحماية اللازمة. 2- حماية شبكة المعلومات والاتصالات والتي تلعب دوراً كبيراً في تدفق خط سير تدفق البيانات بين المواطنين والدولة ومن طرف إلى طرف آخر، والتي إذا تعرضت إلى تخريب أو تدمير أو اختراق حتماً قد يؤثِّر ويقطع هذه الاتصالات ويتوقف سير العمل وتتوقف الخدمات. 3- حماية شبكة المعلومات من أي هجوم وذلك بمعرفة آخر التقنيات والتكنيكات الموجود في هذا المجال ومن أهمها كشف أهداف رسائل هذا العدو والتعرّف على طبيعة هذا المهاجم وذلك وماذا يريد من خلال معرفة تكنيكاته المستخدمة والأساليب المختلفة لكي يتم العمل على إيقاف هذا الهجوم بأسلوب علمي وتقني مُحكم يمنع هذا الهجوم. 4- تشفير التعاملات الإلكترونية بحيث لا يستطيع أي مخترق أو مهاجم أو عابث أن يدخل بسهوله لهذه البيانات والتطبيقات لأن التشفير أحد أساليب الحماية والتي يصعب فك رموزها. هذه أساسيات أرى أنه لا بد لكل مواطن سعودي أن يعرف هذه النقاط ويتعرَّف عليها جيداً ويعيد قراءتها أكثر من مرة لأنها تمس أمور حياتنا وتمس أمننا الإلكتروني، ماذا يجب على المجتمع العمل في حال تعرضت إلى هجمات من هذه النوعية في هذه الخدمات الإلكترونية وأدت إلى انقطاعها سوف يكون مقاليالقادم بإذن الله.
***
باحث دكتوراه في الأمن السيبراني وجرائم المعلومات، رئيس اللجنة العلمية، ورئيس النادي السعودي في مدينة بليموث - بريطانيا