عبدالوهاب الفايز
ربما منكم من يتذكر الآن كيف كان يحمل الناس مشترياتهم من الأسواق.. كانوا غالباً يحملون الأكياس الفارغة من القماش، أو من منتجات سعف النخيل كالسلال أو الأكياس، ليضعوا فيها مشترياتهم اليومية.. لم يعرفوا أكياس البلاستيك التي أدمنا عليها الآن، حيث أصبحت أحد مصادر التشويه والتهديد للبيئة، ففي محلاتنا نخرج بعدد مخيف من الأكياس يومياً، وكلنا نرى كيف يُفرط الباعة في استخدام أكياس البلاستيك، فالأشياء المحدودة التي يمكن أن تحمل بكيس واحد تفرق بين عدة منها!.
إذا تمعن كل واحكمنا في طرقاتنا يرى أكوام البلاستيك بشكل مخيف، وترى المشكلة بحجمها الأكبر إذا اشتدت الرياح وقلبت النفايات المختبئة في الحفر ومواقف السيارات وحواجز الطرق الخراسانية.. هنا تتحول شوارعنا إلى مشهد مخيف مؤسف عن حجم البلاستيك الذي نستخدمه، وكثير من الناس لا تعرف حجم المخاطر التي تترتب على الإفراط في استهلاك البلاستيك وما يتركه من أثر على البيئة وصحة الإنسان وعلى مسالك ومجاري المياه في المدن، وغيرها من الأضرار العديدة.
إذا لم تكن هناك تشريعات حكومية جديدة إيجابيه وذكيه تحد من مخاطر استخدام البلاستيك، فالأمر سيكون أسواء في السنوات المقبلة، ولن يقنن ويرشِّد استخدام البلاستيك المفرط سوى استخدام آليات الثواب والعقاب التي جُربت في العديد من الدول التي استطاعت النجاح في الحد من استخدام البلاستيك.
ليتنا نتعلم من تجربة الدول الإسكندنافية التي تعتبر رائدة في تشريعات (بناء المواطن الصالح) القادر على ممارسة السلوك الفردي والاجتماعي الرشيد المدرك لاهمية المحافظة على البيئة والعارف بمهارات استخدام الموارد الأساسية للدولة.بالإضافة إلى تنمية الصناعات التي تقوم على التدوير للنفايات، وسن تشريعات لإدارة النفايات الوطنية، أوجدت هذه الدول الية عملية وسهلة لتعديل السلوك الاجتماعي عبر إدخال (تكلفة التخلص من البلاستيك) في فاتورة المشتريات اليومية للناس، أي لكل كيس ثمن أو أحضر معك كيسك أو سلتك الخاصة، وفي هذا (تعليم يومي لأهمية البيئة.. ومشاركة في التكلفة). الآن أغلب الدول تطبق هذه الآلية للمشاركة، ونحن في سفراتنا بدانا نتعلم السلوك الجديد، فعلينا أن نخبر البائع عن حاجتنا إلى أكياس البلاستيك حتى يضيفها للمبلغ النهائي، هكذا تربي الحكومات الشعوب على السلوك الحسن، وهو مسؤوليتها وجزء من العقد الاجتماعي.
تدمير البيئة الذي نراه في بلادنا سوف يستمر إذا لم نر الآليات الذكية.. نريد التشريعات الرادعة والمحببة التي تعيدنا إلى صداقتنا وحبنا للبيئة الذي تعايشت عليه أجيال سابقة كانوا في عز حاجتهم إلى الحطب يبحثون عن الأغصان اليابسة في الطلح ليقطعوها ويتجنبوا الأخضر اللين، وفِي هذا قضاء حاجة ماسة وإحياء للشجرة. ماذا يفعل الجيل الجديد: يسحب الشجرة كلها من جذورها!.
البلاستيك من أكبر المخاطر على الغطاء النباتي، ويحتاج عشرات السنيين ليتحلل ويتم التخلص منه، والقطاع الصناعي في المملكة وجد أن إعادة تدوير البلاستيك أمر مكلف، ونشفق على الذين استثمروا في هذا المجال.. لقد خذلتهم الأنظمة الحكومية التي جعلت مرحلة تجميع النفايات البلاستيكية صعبة جداً، كيف يمكن فصلها من كميات النفايات المتداخلة من المصدر، إمكانية تطوير صناعة التدوير صعب!.
الدول التي نجحت في التدوير ساعدها تطبيق الأنظمة الذي أوجد وعي المستهلك، والحكومات سهلت مهمة التدوير على الناس عبر توفير مرافق تستقبل نفاياتهم بعد فرزها، أو تشتري النفايات القابلة للتدوير، أيضاً بعد فرزها.
السويد رائدة في تجارب التربية الوطنية، فكما وضعت مستهدف وطني للوصول إلى (صفر) من وفيات الحوادث في الطرق، أيضاً وضعت هدف (صفر نفايات). هل صعب أن نحقق أهداف وطنيه كبرى؟.